الأغوات - عمل ونظام متقن
أصل كلمة أغا.
لفظ أغا أعجمية مستعملة في اللغات التركية والكردية والفارسية. فعند الأكراد تطلق على شيوخهم وكبارهم وتطلق عند الأتراك على الرئيس والسيد. وتطلق في الفارسية على رئيس الأسرة.
وصارت كلمة أغا أيام الدولة العثمانية تطلق على الشيخ أو السيد وصاحب الأرض ورئيس خدمة البيت. وكان كثير من خدمة الحكومة في الوظائف العسكرية يلقبون بكلمة أغا. وكانت تطلق أيضاً على الخصيان الخادمين في القصر. وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة لفظة خاصة بخدمة الحرمين الشريفين.
تاريخ الأغوات.
يعود تاريخ الأغوات إلى عهد معاوية بن أبي سفيان فهو أول من وضع خداماً للكعبة المشرفة من العبيد. وأول من اتخذ الخصيان لخدمة الكعبة هو يزيد من معاوية. ويرى رفعت باشا أن أول من رتب الأغوات في المسجد الحرام هو أبو جعفر المنصور.
أما أغوات الحرم النبوي الشريف فيعود تاريخهم إلى زمن الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب، فهو أول من عين خصياناً لخدمة المسجد النبوي الشريف.
لباس الأغوات.
ظل الأغوات على مر العصور يتميزون بزي معين. فقد وصفهم ابن بطوطة في رحلته قائلاً أن الأغوات "على هيئات حسان وصور نظاف وملابس ظراف وكبيرهم يعرف بشيخ الحرم وهو في هيئة الأمراء الكبار".
وفي أيام الدولة العثمانية كان الأغوات يلبسون عباءات استانبولية وأثواباً واسعة مطرزة مشدوداً عليها حزام، ويحملون في أيديهم عصياً طويلة، ويضعون على رءوسهم غطاء. ويقال أن السلطان سليمان القانوني هو الذي رتبهم على هذا الوضع في القرن السادس الميلادي. أما لباسهم اليوم فيتكون من رداء يسمى الرجبة ورداء يوضع على الكتف يسمى الحزام وغطاء يوضع على الرأس يسمى القاووق.
وفي القديم كانوا يشددون في الزي. فالأغا في القديم لا يلبس ثوباً وزرار رقبته مفتوحة، ومن فعل ذلك يعاقب بالضرب، وكانوا يلبسون الساعة أو الخاتم ولا يمسكون الشمسية. أما لباسهم اليوم لا يزيد على ما وصفنا أنفا.
ويتميز الأغوات على بعضهم البعض بشارات وعلامات حسب رتبهم. وتظهر هذه العلامات في الزي الذي يرتدونه. فالخبزية يضعون على رؤوسهم شاشاً مصنوعاً من القصب يسمى (فرخ يشمك) يلفون به الطربوش (القاووق) والذي يرتدونه هذا الزي هم كبار الأغوات من درجة خبزي فما فوق.
كما يمكن التمييز بين درجات الأغوات ومراتبهم بواسطة استعمال الشال (حزام من صوف) على كيفيات معينة، فمن كان منهم في درجة الخبزية فما فوقها فإنه يضع الشال على الكتف، ومن كان دون درجة الخبزية فإنه يربط الشال في وسطه.
وتحت الرداء (الرجبة أو الفرجية) يلبسون الثوب والكوت أو السديرية والسروال الطويل، وهذا الزي الذي يظهر فيه الأغوات هو زي العمل. وبعد انتهاء العمل وعودتهم إلى بيوتهم فإنهم يلبسون الملابس المعتادة.
وللأغوات مراتب أعلاها رتبة شيخ الأغوات، وهو ناظر أوقافهم والمسئول عن سير أعمالهم.
الالتحاق بسلك الأغوات.
يشترط في الذي يريد الالتحاق بسلك الأغوات أن يكون مخصياً، وأن يقبل تطبيق نظام الأغوات عليه، وأن يرابط في الحرم مدة سبع سنوات متواصلة بناء على جدول المناوبة للأغوات، وأن يؤدي واجبه على أكمل وجه، وأن يطيع أوامر رؤسائه، وأن يتمتع بصحة جيدة.
وفي السابق كان البحث عن الذين تتوفر فيهم الشروط المذكورة يتم عن طريق الأغوات الذين يسافرون من أجل هذه المهمة، فإذا وجدوا من تتوفر فيهم الشروط فإنهم يخبرون به شيخ الأغوات، فيكتب بشأنه إلى المقام السامي، فيأمر وزير الحج والأوقاف بتعيينه ومنحه الجنسية السعودية، ويتم إحضار الأغا عن طريق السفارة السعودية. وبعد قدومه يجري عليه الكشف الطبي ويعرف بالنظام الذي يحكم الأغوات، ثم يرفع ملفه إلى وزارة الحج والأوقاف.
وأما في الوقت الحاضر فلا يقبل استقدام أغوات جدد بناء على أوامر سامية. وأخر أغا تعين بهذا المنصب كان سنة 1399هـ. وعدد الأغوات في الوقت الحاضر أربعة عشر أغاً في الحرم المكي الشريف، واثنا عشر أغاً في الحرم النبوي الشريف.
الأغوات في ظل العهد السعودي.
لقد حظي الأغوات في العهد السعودي برعاية كريمة وتقدير كبير لما يقومون به من خدمة جليلة في الحرمين الشريفين.
وقد بدأ اهتمام الدولة بالأغوات مع بداية العهد السعودي حيث في سنة 1346هـ صدر مرسوم ملكي من صاحب الجلالة الملك عبد العزيز رحمه الله نصه: "فبخصوص أغوات الحرم المكي فهم بأمورهم الخاصة على ما كانوا عليه ولا يحق لأحد أن يعترض عليهم أو يتدخل في شئونهم".
وبعد وفاة الملك عبد العزيز رحمه الله أيد الملك سعود تقرير والده بتقرير ملكي برقم (35) وتاريخ (4/3/1374هـ) وهذا نصه: "إننا نقر أغوات الحرم المكي أن يبقوا على الترتيب والعادة التي يسيرون عليها في أمورهم الخاصة وألا يتعرض لهم في هذه الأمور أو يتدخل في هذه الشئون أحد".
ويذكر الأغوات أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله يرسل إليهم كل عام مكرمة ملكية ومشالح تصلهم عن طريق الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
فالدولة تصرف لهم مرتبات كافية، إضافة إلى عوائد الأوقاف التى توزع عليهم بالتساوي، وأوقافهم منتشرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف والأحساء، ولهم أوقاف في العراق والمغرب واليمن وهي تدر عليهم مداخيل كبيرة تجعلهم في رغد من العيش.
وظائف الأغوات.
في السابق كان الأغوات يقومون باثنين وأربعين وظيفة في الحرمين الشريفين منها، غسل المطاف وتنظيف الحرمين من فضلات الحمام وإنارة القناديل وغير ذلك من الأعمال. أما في الوقت الحاضر فقد انحصر عملهم في أربع وظائف هي:
-
المشاركة في استقبال الملك والوفد المرافق له.
-
خدمة ضيوف الدولة من رؤساء ووزراء وغيرهم من المرافقين والتابعين. حيث يفرشون لهم السجاد ويقدمون لهم ماء زمزم.
-
فصل النساء عن الرجال أثناء الطواف ومنع النساء من الطواف بعد الأذان.
-
وفي المسجد النبوي الشريف يقوم الأغوات بتنظيف الحجرة النبوية وفتحها للضيوف عند الحاجة واستقبال ضيوف الدولة عند باب السلام ومرافقتهم وملازمتهم إلى أن يغادروا المسجد النبوي الشريف.
المرجع: الحرمان الشريفان التوسعة والخدمات من إصدار الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي – الطبعة الأولى 1419هـ.
المصدر مع بعض التعديل: موقع مكاوي - قبلة الدنيا مكة المكرمة.