رسالة في الشرافة للشريف حسني العباسي
رسالة في الشرافة
بقلم الباحث النسابة العباسي حسني بن أحمد بن علي العباسي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
عنوان لرسالة متواضعة في أول ما ألف في علم النسب عند العرب ومعنى كلمة الشرافة متى بدأ هذا الاسم يقترن بالعلماء والمشهورين من قريش علويين أو عباسيين من سادات العرب المشهور أن هذا اللقب وهو الشرافة ركز في البيتين العلوي والعباسي أكثر من غيرها من قريش.
النسب: جاء في مقدمة كتاب حذف من نسب قريش عن مؤرج بن عمرو الدوسي تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد:
ولعل أول من ألف في الأنساب عند العرب هو محمد بن مسلم أبن شهاب الزهري المتوفى في 124هـ كان ينتقل بين الحجاز ودمشق بدأ بكتاب في نسب قومه لم يصل إلينا وجاء عند محمد سعيد كمال في "الرسائل الكمالية" أن أول من بدء التدوين عند العرب في الأنساب هو سحيم بن حفص أبو البقضان النسابة الذي ألف كتابه "النسب الكبير" وكتاب "نسب خندق وأخبارها" وأبو اليقضان توفي سنة 190هـ وذلك عند ياقوت في معجم البلدان 11/110. وجاء عند حاجي خليفة صاحب "كشف الظنون" أن أول من ضبط علم الأنساب هو النسابة هشام بن محمد الكلبي المتوفي سنة 204 وأبو اليقضان المتوفى سنة 190 وثالثهما مؤرج بن عمرو الدوسي المتوفى سنة 195 الذي ألف كتاب "حذف من نسب قريش"، الكتاب الذي لم يعرف إلا من زمن قصير، ويكون بذلك أقدم كتاب معروف في النسب وبعد هشام بن محمد وكتاب "جمهره النسب" تتابعت وتشعبت كتب الأنساب إلى وقتنا الحاضر، ولكن بالنقل المتكرر في كثير من الأحيان بدون حيطة وتمحيص. ولا يسعني إلا أن أشير إلى السيد عبد الحميد عقيل ومجهوداته الجبارة التي لم ترى النور على حد علمي وهي موسوعته التي رأيتها قبل طبعها، والذي وصل فيها أنساب حديثة بأصولها القديمة، بأخذ الحيطة، وأشير إلى السيد الفاضل علي الفضيل في كتابه "الأغصان" الذي وصل القديم بالحديث في الأنساب وهذان السيدان الجليلان كتبوا ووصلوا انساب متنوعة ليس لجماعة معينة فحسب.
ونقول أنه حتى القرن الثالث هجري لم يطلق على أحد من بني هاشم (شريف أو سيد)، ولكن يقال "عباسي" لذرية العباس و"علوي" لذرية الإمام علي الخمسة أفرع و"طالبي" لذرية والده و"تيمي" لآل أبو بكر رضي الله عنه و"مخزومي" بني مخزوم و"أموي" بني أمية وعلى ذلك المنوال.
فعندما بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وخرج من بني هاشم، فأصبح لبني هاشم نزله على أساس وجوب الإيمان برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه قرشي هاشمي فأصبح القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم شرف ورفعة، وخاصاً أنه جاءت أحاديث كثير في ذلك، وهذه الأحاديث وان كانت حسنة الأسانيد لم تصل إلى الضعيف أو الموضوع.
والمطلع على تراجم الرجال في كثير من الكتب المتخصصة في هذا العلم، نجد أن أول ما أطلق هذا اللقب وهو الشرافة كما جاء في "السير" للذهبي، أن الشيخ الإمام الشريف شيخ بني هاشم أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى ابن أبو جعفر المنصور المتوفى سنة 350هـ، أي أنه لقب بهذا اللقب في أوائل القرن الثالث. وجاء في "السير" للإمام الفقيه مسند العراق القاضي الشريف عمر بن القاسم بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، والمولود سنة 322هـ، أول من لقب بلقب "شريف" من بني هاشم وفي ذرية الإمام علي كرم الله وجهه.
كما جاء في "تاريخ ابن الوردي" 1/446: (توفي أبو احمد حسين بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق والد الشريف الرضي سنة 400هـ) ونلاحظ انه قال: النقيب والد الشريف الرضي، فتكون أول من أطلق عليه لقب "شريف" من ذرية الإمام علي كرم الله وجهه مولد الشريف الرضي ابن النقيب أبو احمد الموسوي المولود سنة 359هـ والمتوفى سنة 405هـ، فيكون لقب "شريف" أطلق على ذرية العباس بن عبد المطلب قبل ذرية الإمام علي بحوالي ثلاثين سنة، مولد الشريف عمر بن القاسم بن جعفر سنة 322هـ، ومولد الشريف الرضي سنة 359هـ. واستمر هذا لمدة طويلة لحين ضعفت الدولة العباسية وأدوار الانحطاط، وفي نفس الوقت قوة الدولة الفاطمية العبيدية الإسماعيلية أن يطلق لقب "شريف" لذرية الحسن والحسين رضي الله عنهما. واستمر الحال على ذلك، واختلف إطلاق الشرافة من منطقة إلى أخرى حسب الوضع السياسي. ففي الحجاز وبعد أن تقلد ذرية الإمام الحسن الإمارة في مكة فأصبح تطلق كلمة "شريف" بدلاً من كلمة أمير على الحاكم، ومن ثم صارت تطلق كلمة "شريف" على كل ذرية الحسن. أما الحسين فيطلق عليهم "سيد" وباقي الفروع فيطلق عليهم "بني هاشم". ففي العراق تطلق كلمة "شريف" على كل بني هاشم. أما في مصر فكل قرشي أو هاشمي "شريف". وفي اليمن فيطلق "سيد" على ذرية الحسين، وفي بعض مناطق اليمن "شريف" على ذرية الحسن. أما في إيران فتطلق على ذرية علي زين العابدين كلمة "سيد". وكذلك حضرموت لتقارب الفكر بين القطرين أو بالأحرى بين علماء القطرين في كثير من الأمور مع اختلاف المذهبين. ففي إيران جعفرية وحضرموت شافعية من بعد القرن الرابع الهجري. فنلاحظ أن ذرية الإمام علي كرم الله وجهه من غير علي زين العابدين أو الحسن بن علي، فيطلق عليها "مشايخ" وكذلك على جميع فروع بن هاشم الأخرى.
راجع كتاب "العجاجة الزرنبية في السلالة الزينبية" لجلال الدين بن عبد الرحمن بن أبى بكر السيوطي المتوفى سنة 911هـ، أثبت فيها أولاد زينب في الأشراف، وعلي بن طراد من ذرية إبراهيم الإمام.
وجاء في "بحر الأنساب" المسمى بـ"المشجر الكشاف لأصول السادة والأشراف" للسيد محمد بن أحمد بن عميد الدين الحسيني النجفي، من أعلام القرن التاسع والعاشر الهجري صفحة 10: (قال: قال الشريف سراج الدين الرفاعي المخزومي في كتاب "صحاح الأخبار" انتهى. قد اعتبر المخزومي شريف، وعلى ذلك يعتبر كل قرشي شريف. ولم يقف لقب "شريف" على ذريته السبطين وهذا، وان شاع في الحجاز، فهو يخالف الصواب. راجع صفحة 293 "سمط النجوم العوالي" قال بالنص: (وكان موسم خمس وأربعين وتسعمائة عاد إلى مكة الباشا سليمان من جهاد الفرنج بالديار الهندية عازماً إلى الديار الرومية فأرسل مع الشريف أبو نمى ولده السيد أحمد بن أبي نمى).
ونلاحظ العبارة أرسل الشريف أبو نمى ولده السيد احمد بن أبي نمى، وهذا ما يؤكد قولنا أن كلمة "شريف" كانت تطلق على أمير مكة فقط، وليس كل نسل الحسن. والذي شاع بعد ذلك في الحجاز لا يعني أن كلمة "شريف" هبة كل لذريته الحسن أو الحسين، فإن كل بني هاشم تطلق عليهم كلمة "شريف".