الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم بن علي الطيار رحمه الله

اسمه ونسبه تغمده الله بواسع رحماته.

هو الشيخ الأجل، والمؤرخ الأغر، الشريف عمر بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن عبدالله بن علي الطيار، المنتهي نسبه ثابتاً مؤصلاً بسيدنا جعفر الطيار بن أبي طالب بن عبدالمطلب رضوان الله تعالى عليه.

أعقب الشيخ الشريف إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن عبدالله بن علي الطيار من الأبناء اثنان، عمر وعبدالله. وجاء في وثيقة الشيخ الشريف ناصر بن حسين الطيار رحمه الله أنه أعقب ثلاثاً فأضاف لهما (خليل) ولم يثبت ذلك. فالثابت ما ذكرناه نقلاً عن أبناء الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار وغيرهم من الأعمام الذين لا يزالون على قيد الحياة أطال الله بقائهم، ومنهم العم الشيخ الشريف طارق بن عثمان بن أحمد الطيار والذي قال: "كان لعمي عمر أخ اسمه عبدالله، وأختين هما خديجة وآمنة رحمهم الله جميعاً".

أما نسبه الشريف وذلك على أدق وأصدق ما وقفنا عليه من أمهات الكتب والمشجرات والمؤرخات والصكوك والمخطوطات التي تم تحقيقها على مدى أكثر من خمس عشرة سنة ونيف، وشارك في تحقيقها وتوثيقها نقابة السادة الأشراف المصرية، فهو: السيد الشريف الشيخ عمر (المولود بالمدينة المنورة سنة ألف وثلاثمائة للهجرة، ربيب الحرم النبوي الشريف، والمتوفى فيها في الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك من عام ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين للهجرة) بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن عبدالله بن علي بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ أحمد بن الشيخ أبوبكر (الجد الجامع لآل الطيار بالمدينة المنورة) بن الشيخ عبدالله بن الشيخ علي بن الشيخ أحمد بن الشيخ عبدالله بن الشيخ علي بن الشيخ عبدالله بن علي (عاد للمدينة من الأحساء سنة 1090هـ) بن عبدالرحمن (الملقب بالأحسائي) بن عبدالله (خرج من المدينة المنورة لبني عمومته في الأحساء في حدود سنة ألف للهجرة) بن الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن طالب بن الشيخ عبدالله بن القاسم بن عبدالله بن إسماعيل بن العباس بن طالب بن محمد بن الحسن الثاني بن الحسن الأول بن الأمير إسحاق (أمير المدينة المنورة وأول من بنى سوراً حولها) بن الأمير محمد (أمير المدينة المنورة) بن الأمير يوسف (أبوالأمراء أمير خيبر والمدينة المنورة) بن الأمير جعفر السيد (أبو الأمراء أمير الحجاز) بن إبراهيم الأعرابي بن الإمام محمد الرئيس (ذو الشرفين أبوجعفر الجواد، أحد أربعة وجهاء عصره، وأمه السيدة لبابة بنت عبدالله (حبر الأمة وترجمان القرآن) بن عباس بن عبدالمطلب وبها اتصل نسب آل الطيار (أماً) بسيدنا العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه وأرضاه) بن الإمام علي الزينبي (الإمام الفقيه العابد الزاهد الجواد ذو الشرفين، وأمه السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب، وأمها السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبها اتصل نسب آل الطيار برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما هو نسب السادة الحسنيين والحسينيين على وجه الخصوص) بن عبدالله الجواد (بحر الجود وقطب السخاء، أحد أجود أربعة عرب عرفهم التاريخ) بن جعفر الطيار (ذو الجناحين أمير جند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مؤتة وشهيد مؤتة في السنة السابعة للهجرة) بن أبي طالب (سيد مكة واسمه عبدمناف) بن عبدالمطلب (جد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سيد مكة والعرب، واسمه شيبة الحمد) الهاشمي القرشي، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.

فأما الشيخ الشريف عبد الله بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الطيار، فقد هاجر من المدينة المنورة إبان حكم فخري باشا وقبل حصار المدينة المنورة من قبل الشريف علي وفيصل ابنا الشريف حسين عام ألف وثلاثمائة وخمسة وثلاثين للهجرة، ثم أختفى ذكره ولا يعرف له عقب حتى يومنا هذا، إلا أن آخر ما بلغ عنه أنه انتقل إلى إندونيسيا وقيل بلجيكا ولم يرد تأكيد على أي من الروايتين. والرواية الأصح والأدق التي نقول بها ونرجحها هي ما رواه الشيخ الشريف عبدالمجيد بن عمر بن إبراهيم الطيار فقال نقلاً عن الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم بن علي الطيار: (هاجر أخي عبد الله قبل هجرتنا من المدينة المنورة أيام حكم فخري باشا وقبل حصارها بقليل من قبل ابناء الشريف حسين عام ألف وثلاثمائة وخمسة وثلاثين للهجرة. فلما هاجرنا من المدينة المنورة حاولنا الوصول له بشتى الطرق ومن خلال الكثير من المراسلات، لم نفلع في ذلك. ثم علمنا أنه استوطن بمدينة موسكو في الإتحاد السوفيتي، فأرسلنا له رسالة نستعلم فيها عن أخباره، إلا أن الرسالة أعيدت إلينا بعد شهرين مكتوب عليها أنه لم يعرف له مكان ولا عنوان. ثم رأت أمي رحمها لله (أي: السيدة خديجة البكري والدة الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار تغمدهما الله بواسع رحماته وأسكنهما أعالي جنانه) في منامها رؤياً أولتها لها بوفاة أخي عبدالله تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه.وكان ذلك آخر العهد به. ثم لم يصلنا عنه خبر قط، ولم يثبت لي أو يحدثني أحد بوجود أعقاب ذكور له حتى عدت إلى المدينة المنورة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة). وبسؤال الشيخ الشريف عبدالمجيد بن عمر الطيار، إن كان قد وصل لهم بعد ذلك خبر عنه أو عن أعقاب ذكور له. فأجاب بالنفي القاطع. وأكد ذلك الشيخ الشريف محمدعلي بن عمر الطيار تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه، والشيخ الشريف محمد بن عمر الطيار تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه، والشيخ الشريف عبدالله بن عمر الطيار، فتأكد بكل تلك الروايات إنقطاع عقب الجد الشيخ الشريف عبدالله بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الطيار من الذكور تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه.

وأما العقب الوحيد الذي وقفنا عليه للجد الشيخ الشريف عبدالله بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الطيار يرحمه الله، ورواه لنا الشيخ أحمد بن عبدالحميد بن إبراهيم عباس يحفظه الله، فابنة وحيدة له، هي ريا عبدالله الطيار، والتي تزوجت بالشيخ أحمد بن إبراهيم عباس، وأنجبت له عبدالحميد وفاطمة وزين وجميلة، وأنجب الشيخ عبدالحميد ست أبناء، أحمد وإبراهيم ومنصور وعقيل ومحمد وحاتم، رواه وكتبه بخط يده الشيخ أحمد عبدالحميد عباس.

ميلاد الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار رحمه الله.

وأما الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الطيار تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه. فأمه وأم أخوته هي السيدة العابدة الزاهدة خديجة البكري ويعود نسبها إلى سيدنا أبو بكر الصديق عليه رضوان الله وسلامه، وتغمدها الله بواسع رحماته وأسكنها أعالي جنانه، وكان ميلاده في بستان القويم بقباء في المدينة المنورة مطلع سنة ألف وثلاثمائة للهجرة الموافق لسنة ألف وثمانمائه وثلاثة وثمانين للميلاد، وبستان القويم وكذا بيت ميلاد الشيخ الشريف عمر الطيار لا يزال حتى اليوم قائماً وسط بستان العباسية العائدة للشيخ عبدالحميد عباس تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه ومن بعده إلى أبنائه البررة رعاهم الله. وكان العرف بالمدينة المنورة آنذاك لمن تلد سواء ابناً أو بنتاً، أن تمكث المرأة في بيتها بعد ولادتها أربعين يوماً لا تخرج منه قط حتى تطهر، فإن طهرت أخذت برضيعها وتوجهت به إلى الحرم النبوي الشريف، وهو أول خروج لها بعد الولادة. فإذا دخلت الحرم النبوي الشريف جاء إليها (الطواشي) ويسمى أيضاً (الأغا) وهو اسم يطلق على خدم الحرم النبوي الشريف عامة، والحجرة النبوية الشريفة خاصة، فيأخذ الطفل منها ثم يتجه إلى الحجرة النبوية الشريفة، وتذهب الأم للصلاة والزيارة، فيفتح الطواشي باب الحجرة ويدخل بالطفل حبواً إلى داخلها، فإذا وصل إلى الستار الشريف الأخضر اللون المحيط بالضريح النبوي العطر من الجهة الغربية للحجرة، رفع الستار ووضع الطفل جوار الحائط ثم يغلق الستارة عليه وينصرف حبواً كما دخل. وكان ذلك عرفاً وعادة عند أهالي المدينة المنورة منذ مئات السنين يلتمسون فيه أن تحصل البركة للمولود بأن يكون أول خروج له إلى الدنيا هو الإلتصاق بالحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. وهذا أمر لم نذكره تجنياً أو تدليساً أو تزييفاً للحقائق، ولكنه أمر يعلمه كافة أهل المدينة المنورة ولا يزال كبار السن بها يقرون بذلك ويقولون بدخول هذا المقام للكثير من آبائهم.

فإذا ما إنتهت الأم من صلواتها وزيارتها عادت إلى الطواشي تطلب طفلها فيفتح الطواشي الحجرة ويدخل كما دخل سابقاً ويرفع الستار برفق ويأخذ الطفل ويخرج حبواً كما دخل. وما أن يخرج الطفل (وهذا ما أقسم عليه أهل المدينة المنورة الأوائل كافة) إلا وتفوح منه ريح أطيب من ريح المسك، ويخرج الطفل مفتوح العينين باسم الثغر. فتأخذه أمه وتعود به إلى بيتها. وكان هؤلاء الأطفال متى كبروا وأرادوا الفخر أو التفاخر أو نفي ما قد يتهمون به عن أنفسهم نادى الواحد منهم (أنا ابن الستر) أو (أنا ابن الستار). وأجمع من كتب في ذلك، بل وأهل المدينة المنورة الأوائل، بإستحالة ضلال كل طفل أدخل الستار متى كبر وشب وشاب، لا لأمر غير مشيئة الله تعالى وبركات حبيبه الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الذي تودع في أوائل الأنفاس التي يعيشها ويتفتح عليها ذلك الطفل، لذا فلم يكن دخول الأطفال إلى الحجرة أمراً يبلغه الجميع، ولكن يبلغه البعض ممن أراد الله سبحانه وتعالى له الصلاح.

وكان من هؤلاء الأطفال الذين أدخلوا تحت ستار ضريح الحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، الشيخ الجليل الشريف عمر بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الطيار يوم بلغ أربعين يوماً من عمره، ولذا كان يطلق عليه ابن الستار، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جناته. فكان إن شدت الأمور ووصلت ذروتها نادى كما ينادي أشباهه الأكارم (أنا ابن الستر).

هجرته القسرية من المدينة المنورة.

لقد سبق حديث في مقال سابق عما تعرضت له المدينة المنورة خلال الفترة من سنة (1916م / 1334هـ) وحتى سنة (1919م / 1337هـ) من ظلم وعدوان لحق بها وبـأهلها وسكانها على يد فخري باشا إلى أن تم تحريرها على يد السيدين الشريفين الفاضلين فيصل وعلي ابني السيد الشريف حسين بن علي "شريف مكة المكرمة" بتاريخ يوم السبت التاسع عشر من رجب المبارك سنة 1337هـ الموافق للتاسع عشر من شهر إبريل سنة 1919م، واستسلام فخري باشا لجيش الأشراف وحلفائهم، وخروجه من المدينة المنورة.

كذلك سبق أن تطرقنا بالحديث عما أطلق عليه وعرف في التاريخ باسم (سفر برلك) والتهجير الإجباري الذي لحق بأسر المدينة المنورة كافة، والإفساد الذي لحق بأملاكهم ودورهم وأرواح الكثير منهم. ذلك التهجير القسري الذي طال ممن طالهم في المدينة المنورة الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم بن علي الطيار تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جناته وأبناء عمومته الكرام الشيخ الشريف عثمان بن أحمد بن علي الطيار الشيخ الشريف جعفر بن علي الطيار تغمدهم الله جميعاً بواسع رحمته وأسكنهم أعالي جناته، وبقية أبناء عمومته الكرام من آل الطيار بالمدينة المنورة.

لقد جاهد أبناء العمومة الخمس المذكورين كي لا يصل بهم المطاف إلى الخروج من مدينتهم الحبيبة، وترك دورهم وأرضهم التي ولدوا عليها وتربوا بين بيوتها، حتى كان أمر الله تعالى، فاضطروا إلى الهجرة من طيبة الطيبة. تلك الهجرة التي خرج بها الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جناته، من المدينة المنورة برفقة والدته مع آخر المهاجرين من المدينة المنورة، وفي آخر قاطرة غادرة طيبة الطيبة والتي كانت بقيادة الكابتن محبوب علي الحسيني المدني وكانت تحمل الرقم (105 س ح) وهي آخر القاطرات توقفاً في إقليم الحجاز، وكان ذلك بتاريخ يوم الأحد الثالث عشر من جمادى الأولى سنة 1336هـ الموافق للرابع والعشرين من شهر فبراير سنة 1918م، متوجهة إلى بلاد الشام، يرافقه بعض أبناء عمومته، حيث تم في تلك الرحلة تفجير العربات الأخيرة من القطار بعد تلغيمها بالقنابل، ونجاهم الله تعالى من تلك الكارثة، واستمر القطار بالسير إلى أن وصل إلى الأراضي الشامية.

ويروي أعمامنا نقلاً عن الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جناته عن أبيهم قصة هجرته والذي قال: لما اشتد حصار المدينة المنورة، وزاد شح الماء والطعام بها، وهلك خلق كثير فيها بالعطش والجوع، وأوشك البقية من أهلها على الهلاك، بسبب ما لحقهم من جور وظلم وبطش منذ أن تولي فخري باشا منصب محافظ المدينة المنورة يوم السبت السابع من شهر رجب سنة 1335هـ الموافق للثامن والعشرين من شهر أبريل سنة 1917م، وعاث فيها فساداً، وسخر كل خيراتها من ماء وخضرة وثمار لنفسه ولجنوده، ولم يرحم فيها صغيراً ولا كبيراً. وكنا قبل ذلك قد سمعنا أن شريف مكة المكرمة، السيد الشريف حسين بن علي قد أعلن الثورة الإسلامية العربية على الحكم العثماني وذلك يوم الجمعة التاسع من شهر شعبان سنة 1334هـ الموافق للتاسع من شهر يونيه سنة 1916م، وعلمنا آنذاك أن الأستانة (عاصمة الدولة العثمانية) قد كلفت فخري باشا بقيادة الحملة الحجازية للتصدي لثورة السيد الشريف حسين وكان ذلك يوم الاثنين السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1334هـ الموافق للسابع عشر من شهر يوليو سنة 1916م. ثم ما لبث أن تولى فخري باشا محافظة المدينة المنورة، في يوم السبت السابع من شهر رجب سنة 1335هـ الموافق للثامن والعشرين من شهر أبريل سنة 1917م، ومن حينها لم ترى المدينة خيراً قط".

أحداث رافقت خروجه من المدينة المنورة.

ويواصل الشيخ الشريف عمر الطيار رحمه الله حديثه فيقول: "حاولنا أن نصمد في وجه الظلم والجور، ولكن دون جدى فقد أعلن فخري باشا التهجير القسري، فخرجت أنا وأمي السيدة خديجة البكري كغيرنا من أهل المدينة المنورة بعد أن حاولنا بكل السبل البقاء. وأخرنا إرتحالنا إلى أن لم يبق سوى عدد قليل من أهل المدينة المنورة، وكانت رحلة القطار الحجازي هي الرحلة الأخيرة التي لم يعد لنا معها أي مناص من الهجرة. فتوجهت ليلة خروجنا إلى الحرم النبوي الشريف للصلاة فيه، ثم وقفت أمام المواجهة الشريفة وزرت الحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبكيت بكاءً شديداً وقلت مما قلت آنذاك: (يا رسول الله، أيكون موتي خارج المدينة المنورة وأدفن خارجها وأنا ابن الستر؟) ثم ودعت ورحلت. فلما كان صباح يوم الأحد الثالث عشر من شهر جمادى الأولى سنة 1336هـ الموافق للرابع والعشرين من شهر فبراير سنة 1918م، ركبنا القطار وتحرك بنا، وكنا آخر النازحين، وكان لم يبق في المدينة المنورة سوى قلة قليلة من أهلها ومنهم الشيخ حمزة عفيفي والذي لجأ إلى الحرم النبوي الشريف واختبأ به (والشيخ حمزة عفيفي رحمه الله هو والد الشيخ خالد بن حمزة عفيفي والشيخ المؤذن بالحرم النبوي الشريف الشيخ حسين بن حمزة عفيفي رحمه الله تعالى). فلما ابتعدنا قليلاً عن المدينة المنورة، سمعنا دوي إنفجار شديد في آخر فرجونه (الفرجونه هي عربة القطار وهو اسم للعربة باللغة التركية) ثم علمنا بعدها أن القطار قد تم تلغيمه بالقنابل وقد إنفجرت أواخر الفرجونات، وأصبحنا في الفرجونه الأخيرة للقطار بعد أن كنا في منتصف القطار تقريباً، بعد تدمير بقية الفرجونات، ونجونا بفضل الله تعالى. وواصل القطار بنا رحلته دون توقف. فلما كنت في القطار خلدت للنوم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منامي يبتسم لي ويقول: (يا عمر قبرك عندي)، فاستيقظت فرحاً ببشرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله يعلم صدق قولي ورؤيتي)". ولقصة هجرته تغمده الله بواسع رحمته بقية طويلة لا يتسع المجال إلى ذكرها.

وأما الشيخ الشريف طارق بن عثمان بن أحمد الطيار، والشيخ الشريف أسعد بن عثمان بن أحمد الطيار فتحدثوا عن الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار رحمه الله وهم الذين عاصروه وجالسوه وعرفوه عن قرب، وسمعوا عنه الكثير من والدهم الشيخ الشريف عثمان بن أحمد الطيار تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه، وكذا عن تلك الحقبة الزمنية التي سبق الحديث عنها، فيقول عمنا الشيخ الشريف طارق بن عثمان الطيار: "كنت أعرف عمي عمر بن إبراهيم الطيار رحمه الله رحمة واسعة معرفة جيدة وعن قرب، فلطالما التقيت به برفقة والدي عثمان بن أحمد الطيار رحمه الله رحمة واسعة، ولطالما سمعت من والدي عنه رحمه الله الشيء الكثير. كان إن رأيته حسبته بدراً، فإن تحدث لا تمل حديثه، وإن أشار إلى أمر أصاب. وكانت العلاقة بينه وبين أبناء عمومته وطيدة للغاية. فوالدي عثمان وعمي جعفر كانا يملكان (قُوَيِّمْ) العثمانية والطيارية غرب جبل أحد. ولفظ (قُوَيِّمْ) بضم القاف وتشديد الياء مع كسرها مع سكون النون، كان لفظاً متعارفاً عليه عند أبناء الطيار في المدينة المنورة، وهو يعني (بستان) بالعربية و(بلاد) بلهجة أهل المدينة المنورة. فأما عمي عمر الطيار فكان صاحب (قُوَيِّمْ) العُريض وهو شرقي جبل أحد وكان كبيراً جداً واسعاً متسعاً يقارب طوله ما بين منتصف جبل أحد وصولاً إلى المطار الحالي على وجه التقريب. كذلك كان له (قُوَيِّمْ) آخر في قباء وهو الموجود الآن غرب بستان العباسية الشهير بقباء، وفيه كان البيت الذي ولد فيه عمي عمر الطيار رحمه الله. وأما والدي عثمان وعمي جعفر فكانا يملكان (قُوَيِّمْ) العيون، ولذلك كان يطلق علينا (آل عثمان وآل جعفر الطيار) طيايرة العيون، وعلى عمي عمر الطيار (طيار العُرَيْض). وكذلك (طيار قباء) مع عمي عابد الطيار وعمي ناصر الطيار. ولم يكن يعني هذا أن الواحد منهم لم يكن ليملك (قُوَيِّمْ) أي: بستان أو قطعة من بستان في منطقة الآخر، بل العكس، فمن ذلك أن عمي عمر الطيار كان له حصة في (قُوَيِّمْ) قباء بموجب الصك الشرعي المحفوظ لدينا، وهي تركة (إرث) من قبل أبيه إبراهيم بن علي الطيار رحمه الله وكان التواصل بين الخمس كبير جداً، وعلى أعلى درجاته. وكان عمي عمر رحمه الله من أكبر أدلة الحجاج بالمدينة المنورة، والدليل هو المسئول عن الحجاج والزوار في المدينة المنورة، فكان رحمه الله دليل حجاج وزوار الكثير من الدول. وكان لا يتقاضى أي مبالغ مالية لقاء خدماته لهم والتي كانت تتمثل في تأمين السكن والإعاشة والتنقلات والزيارات منذ دخولهم المدينة المنورة وحتى خروجهم منها، كوسيط في تأمين كل ذلك ودون أي مقابل، بل كان - وهذا عهد به كثيراً ويشهد عليه أكابر أهل المدينة المنورة - أنه لطالما لجأ إليه الكثير من الحجاج والزوار الذين إما أنهم فقدوا مالهم الذي مهم أو أضاعوه، فكان رحمه الله يعيد لهم تلك الأموال من جيبه الخاص، بل ويزيدهم بشراء الهدايا. وكل ذلك كان قبل هجرته وهجرة أبناء عمومته من المدينة نهاية ثلاثينيات القرن الماضي".

ويواصل الشيخ الشريف طارق بن عثمان الطيار حديثه فيقول: "كانت أسباب الهجرة تنحصر فيما لقاه أهل المدينة المنورة من ضيق شديد خلال فترة حكم فخري باشا للمدينة المنورة، ومن حصارها وحصار أهلها نتيجة تسخير فخري باشا لجميع خيراتها لنفسه ولجنوده، فانقطع الخير والماء والطعام عن المدينة المنورة وأهلها. ثم صدرت الأوامر بالتهجير القسري. وكما كان لأبناء الطيار مزارعهم حول المدينة، كان لهم بيوتهم التي يعيشون بها داخل المدينة المنورة، وكانت بيوتاً فاخرة عامرة بالخيرات لا تغلق أبوابهم عن استقبال الضيف تلو الضيف. فلما كان الحصار على ما رواه لي والدي رحمه الله (أي: الشيخ الشريف عثمان بن أحمد الطيار رحمه الله رحمة واسعة) - اجتمع أبناء الأعمام الخمس وناقشوا الأمر، وأنه لابد من الهجرة التي فرضت عليهم، فلم يبق لهم خيار غيرها. وبالفعل تم تأجيل هجرتهم إلى آخر قطار خرج من المدينة المنورة، فتوجه والدي عثمان الطيار وعمي جعفر الطيار رحمهما الله إلى بساتينهم في منطقة جبل أحد، ووضعا جميع ما يملكان من ذهب في جرار، ثم حفرا في مزرعتهم وأخفيا مالهما هناك لأنه كان من الصعوبة إخراج أموالهم معهم، وهذا ما فعله عمي عمر بن إبراهيم الطيار في بستانه (قُوَيِّمْ) عمر في العيون، ولم يتمكن أياً منهم سوى أن يأخذ معه أربعمائة مجيدية ذهبية في رحلتهم التي سيخرجون بها من مدينتهم. ثم اجتمع أبناء الأعمام للإتفاق على خروجهم بأهلهم وذويهم من المدينة المنورة خوفاً على حياتهم. فخرج عمي عمر الطيار ووالدي وعمي جعفر الطيار رحمهم الله جميعاً بواسطة القطار الحجازي وتوجهوا إلى الشام. أما عمي عابد رحمه الله - فعلى ما أعلمه - أنه توجه إلى ينبع، وأما عمي ناصر رحمه الله فتوجه شرقاً ثم أكمل رحلته إلى إندونيسيا هجرة قسرية بسبب والي المدينة فخري باشا الذي فرض على جميع أهل المدينة المنورة ما عُرف بعد ذلك بسفر بَرْلِك".

وهذا ما وافق ما قصه لنا العم عبدالمجيد بن عمر الطيار يرحمه الله إذ يقول: "لما أراد الله لوالدي عمر وأعمامي بالخروج من المدينة المنورة قسراً في سفر برلك، خرج والدي ومعه أربعمائة مجيدية ذهبية، وتوجه هو ووالدته السيدة خديجة البكري وأخته وعبد وأمة له، وركب القطار هو وابني عمه عثمان بن أحمد الطيار وجعفر بن علي الطيار وكان آخر قطار خرج من المدينة المنورة".

ويواصل الشيخ الشريف طارق بن عثمان الطيار حديثه فيقول: "لما وصل القطار الحجازي إلى دمشق عاصمة الشام، نزل الثلاثة هناك، وأخذ كل واحد منهم في التأقلم مع الحياة الجديدة، فلا يعلم أي منهم متى ستكون العودة. وهنا أتذكر - على ما رواه لي والدي - أنه بعد عدة أشهر، وقد تكون قد قاربت العام أو أكثر، توجه عمي عمر رحمه الله إلى شمال الشام، حيث كان يعمل في تجارة الملح بشكل مؤقت، بينما بقي والدي وعمي جعفر رحمهما الله في دمشق مع استمرار التواصل بين الثلاثة. وبقوا هناك في الشام حتى هدأ الأمر في المدينة المنورة، فعاد والدي وعمي جعفر رحمهما الله بعد أن تركوا عدداً من المحلات في سوق الحميدية، والتي نهبت بعد سفرهم وتم الإستيلاء عليها من بعض أهل الشام، بل وعلى المنزل الذي كان يعيش فيه والدي وعمي جعفر، وضاعت هناك. أما عمي عمر الطيار رحمه الله، فاستمر في البقاء في الشام حيث انتقل إلى منطقة تسمى (السفيرة) وأصبح له فيها مزارع كثيرة وخيرات، وأعقب جميع أبنائه هناك، وكان رحمه الله من أكبر أعيان المنطقة عامة، وله إحترامه الخاص كونه من آل البيت النبوي ومن المدينة المنورة، الأمر الذي جعل كبار أعيان تلك المنطقة متمسكين به لسنوات طوال".

حياته في مهجره تغمده الله بواسع رحماته.

مضت السنة بعد السنة، وأعقب الشيخ الشريف عمر الطيار تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جناته جميع أبنائه وبناته في بلدة (السفيرة). وهنا يروي الشيخ الشريف محمدعلي بن عمر الطيار تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جناته وكذلك بقية أخوته، أنه بعد إنتقال الشيخ الشريف عمر من دمشق سكن مدينة حلب لبضعة أشهر، حيث سمع به أعيان العائلات الكبرى في (السفيرة) وشيوخ القبائل هناك، فحضروا إليه ووجهوا له الدعوة للإقامة بينهم، فرحل إلى بلدة (السفيرة) وسكن فيها. ثم نمت تجارته إلى أن وصلت مزارعه التي كانت تزرع العنب وغيره بمئات الأمتار طولاً وعرضاً، وبآلاف الأشجار، وزاد الخير في يده. وهناك في الشام، زوَّجتهُ والدته السيدة خديجة البكري من بنات أحد العائلات المهاجرة من المدينة المنورة وهي السيدة (حنيفة) ابنة الشيخ العلامة محمود عبدالقادر خير الدين باشا المدني، وكان قائم مقام تونس العاصمة، ثم حينما حل الاحتلال الفرنسي لتونس، هاجر إلى المدينة المنورة واستقر بها، وبها ولدت السيدة (حنيفة)، فلما فرض سفر برلك على أهالي المدينة المنورة هاجر منها إلى بلاد الشام، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جناته. وأما والدته السيدة خديجة البكري، وأخته فكانت وفاتهما في مدينة السفيرة، وهناك دفنوا تغمدهما الله بواسع رحماته".

عودته من هجرته إلى المدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحماته.

ويروي الشيخ الشريف عبدالله بن عمر الطيار يرحمه الله عن تلك الحقبة فيقول: "كان كلما هل شهر الحج وجدنا والدنا قد دخل في حال من الهم والحزن والبكاء شوقاً لمدينته المدينة المنورة، وكنا لا نسمع منه سوى: "يا أبنائي، قد حنت المدينة المنورة وحان وقت العودة". وكانت تؤجل عودته وعودتنا سنة بعد سنة إلى أن أذن الله تعالى. فلما كانت سنة 1383هـ وكان قد تولى الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله المُلك في المملكة العربية السعودية، وكان ولي عهده آنذاك الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله توجه أخي أبو راشد محمد إلى السفارة السعودية في دمشق وقدم للسفير السعودي آنذاك الهوية الحجازية لوالدي وكافة الأوراق التي تثبت أصالته بالمدينة المنورة، وطلب منه مخاطبة الجهات المختصة في ذلك، ورفض السفير السعودي طلبه، فطلب منه أخي محمد أن يتم منحه تأشيرة عمرة أو زيارة لمقابلة الأمير فيصل بن عبدالعزيز فرفض طلبه. فلما عجز عن ذلك، توجه أخي أبو حسان محمدعلي إلى الأردن، وكان ابن عمنا أسعد بن عثمان بن أحمد الطيار يعمل في السفارة السعودية في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية، ومن مدينة عَمان أبرق برقية إلى الأمير فيصل بن عبدالعزيز كان نصها: (مغترب سعودي يطلب لقاء سموكم ويمنعه السفير من ذلك) ثم عاد إلى مدينة الزرقاء حيث نزل ضيفاً في منزل عمي الشيخ سلطان بن سطام الطيار رحمه الله تعالى. وما هي إلا أربع وعشرين ساعة حتى كان جواب سموه حاداً، حيث علمنا بعد ذلك أن جوابه رحمه الله كان: (قابلوه حالاً وأبلغوني بالنتائج) فبحثت السفارة عن أخي محمد علي في كل مكان ووصلت إليه في منزل عمي الشيخ سلطان الطيار، وهناك التقى بالمسئولين بها وشرح لهم كافة أبعاد الأمر. فرفعت السفارة تلك التفاصيل للأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، ولي عهد الملك سعود آنذاك يرحمهما الله، فصدر الأمر السامي الكريم رقم (28055) وتاريخ (25/11/1383هـ) الموافق ليوم الأربعاء 8 إبريل 1964م والقاضي بمنح السيد عمر بن إبراهيم الطيار وزوجته وبناته الجوازات السعودية المؤقتة بإعتباره مالكاً للهوية الحجازية القديمة، والتي تسمح لهم بالعودة إلى بلادهم تمهيداً لإصدار حفيظة النفوس الخاصة بهم، ومنح أبنائه التأشيرات اللازمة بإعتبارهم غير حاصلين على الهوية الحجازية القديمة، والتي تسمح لهم بدخول المدينة المنورة تمهيداً لإعادة الجنسية السعودية بناء على جنسية والدهم السعودية الأصلية، وكان ابن عمنا أسعد بن عثمان الطيار حاضراً ذلك، وقدم لأخي محمد علي كافة التسهيلات".

ويروي لنا العم الشيخ الشريف عبدالمجيد بن عمر الطيار يرحمه الله في ذلك ويقول: "حينما وصل والدي إلى المدينة المنورة ووصلت معه والدتي وأخواتي ومن الأبناء كنت أنا وأخي أحمد وأخي عبدالرحمن، كان أول من استقبلهم في اليوم التالي لوصولهم العم عبدالحميد بن أحمد عباس عين أعيان المدينة المنورة يرحمه الله، وكان معه ابن عمنا عبدالعزيز بن جعفر بن علي الطيار، وفرحا بوصوله فرحاً كبيراً. وبعد قرابة الأسبوع وصل وفد من أبناء عمومتنا في الأحساء للترحيب به، وأرسل معهم كتاباً لبني عمومته في الأحساء يشكرهم فيه على صنيعهم ويبلغهم أسفه عن عدم القدرة على الحضور لهم بسبب كبر السن"

أما عمنا الشيخ الشريف طارق بن عثمان الطيار فيروي عن تلك الفترة فيقول: "عندما قرر عمي عمر العودة إلى المدينة المنورة كان ذلك في نهاية فترة حكم الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود تقريباً. فتوجه ابن عمي محمدعلي بن عمر الطيار رحمه الله إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ومن هناك تمت المكاتبة والمطالبة بإعادة التابعية (حفيظة النفوس) لهم. وكان المنسق لهم آنذاك هو أخي أسعد بن عثمان الطيار الذي كان يعمل في السفارة السعودية في عمان عاصمة الأردن، وتمت عودتهم بسلامة الله وتوفيقه، وعاد التواصل بين أبناء الأعمام بعد أن عاد عمي عابد من ينبع وعاد عمي ناصر من إندونيسيا، والتأم الشمل من جديد".

ويواصل عمنا الشيخ الشريف طارق بن عثمان الطيار حديثه عن تلك الفترة ويقول: "بعد عودة عمي عمر الطيار بأقل من شهر توجه والدي عثمان ورافقته أنا وبعض أخوتي إلى المدينة المنورة والتقينا بعمي عمر، ونزلنا في داره في شارع قباء الطالع، واستقبلنا بفرح عامر حتى بكى عمي عمر ووالدي متعانقان، ثم مكثنا في داره ثلاثة أيام، وكانت الجدة (حنيفة) زوجة عمي عمر من أكارم النساء، أكرمتنا أيما كرم، والتقينا بجميع أبناء عمي عمر الذين حضروا اللقاء آنذاك، ولما رغبنا بالعودة وقف والدي وقال لعمي عمر أمام باب منزله: "يا عمر ما عاد في هجرة" فرد عليه عمي عمر ضاحكاً: "يا عثمان خرجنا من المدينة المنورة مجبرين قسراً في سفر برلك وعدنا لمدينتنا بفضل الله، وأسأل الله ألا أخرج منها إلا للبقيع" فقال له والدي: "أريد الاحتفاظ بجواز سفرك حتى أطمئن" فضحك كثيراً عمي عمر وضحك والدي، ثم أتى عمي عمر بجواز سفره وسلمه لوالدي وقاله له: "خذه واحتفظ به حتى تطمئن بأنني لن أغادر مدينتي" ثم تعانق الاثنان، ووادعنا عمي عمر أمام منزله في شارع قباء الطالع، وكنت شاهداً وحاضراً لهذا الحدث رأيته وسمعته بنفسي. وبقي جواز سفر عمي عمر سنين طويلة لدى أخي عبدالكريم يرحمه الله، ثم اتصلنا بابن عمي عبدالمجيد بن عمر الطيار وأعدنا له جواز سفر والده".

ويواصل الشيخ الشريف طارق بن عثمان الطيار حديثه فيقول: "وأما أملاكه وخيراته، فقد نهبت جميعها، وعاد وتركها لله ولم يطالب بها لزهده الكامل ورجائه المتواصل بالجوار والبقاء جوار جده وأبيه صلى الله عليه وآله وسلم. ولم يسمع عنه قط أنه ندم على ما نُهبَ وسُلِبَ من خيراته، وما تم تزييفه عنه حينما كان في مهجره، حيث كُتبت أملاكه بأسماء آخرين أدعوا ملكيتهم لها وهم لا حق لهم فيها على الإطلاق، حاله كحال والدي وعمي جعفر رحمها الله، والذين سلبت أجزاء كبيرة من أراضيهم ونهبت وكتبت بأسماء أخرى وهي حقهم شرعاً، ولكنهم أرجعوها لله تعالى".

وعن وفاته رحمه الله، فيقول الشيخ الشريف طارق بن عثمان الطيار: "بلغنا الخبر أنه توفى رحمه الله تعالى يوم الأحد الثامن والعشرين شهر رمضان المبارك سنة 1389هـ الموافق للسابع من شهر ديسمبر سنة 1969م حيث توضأ لصلاة العصر، وقام يصلي، فلما سجد كانت سجدته الأخيرة، حيث لقي الله ساجداً بين يديه، ووري جسده ببقيع الغرقد، وبكى عليه خلق كثير في المدينة المنورة. فقد كان رحمه الله عيناً من أعيانها منذ شبابه وحتى عودته ولقاء ربه. ما تغيرت لهجته المدنية قط، ولم يتغير لباسه الحجازي وعمامته قط، حتى في الفترة التي عاش بها في المهجر. كان مثالاً للرجل المدني الحجازي الأصيل رحمه الله".

أما الأشراف آل الطيار الجعافرة في الأحساء، ومنهم الشيخ الشريف محمد الجعفري الطيار والمهندس الشريف وائل عبدالله الجعفري الطيار، فتحدثوا عن الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار رحمه الله من واقع معاصريه، ومن واقع الرسائل التي كانت متداولة بين الشيخ الشريف عمر الطيار رحمه الله وأبناء عمومته في الأحساء فيقولون: "كان العم عمر بن إبراهيم الطيار رحمه الله مثلاً أعلى في العائلة، وشموخاً يحتذب به وتتعلم منه الأجيال أسس التواصل مع أبناء العمومة والأرحام. فكما كان رحمه الله شديد التواصل مع أبناء عمومته في الأحساء في فترة شبابه بالمدينة المنورة، كان أشد من ذلك خلال فترة هجرته من المدينة المنورة التي اضطر إليها مع بقية أبناء العمومة خلال حقبة أحداث الثلاثينات من القرن الماضي. ولما عاد كان سباقاً بالتواصل مع أبناء عمومته وحريصاً على ذلك حتى قبل أن يعلم الجميع في الأحساء بوصوله وعودته سالماً إلى مدينته، فتراه يخط لهم الرسائل التي تعلمهم بوصوله وأحواله وأحوال أبنائه وهو ابن نهاية الثمانينات، ويعتذر لهم عن عدم قدرته على الوصول لهم بسبب كبر سنه. بالحق كان نبراساً وكان قائداً علماً ونموذجاً فريداً يحتذي به الجميع، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته".

وصوله المدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحماته.

عاد إلى المدينة المنورة رحمه الله ظهر يوم الثلاثاء، الثلاثين من شهر رجب سنة 1385هـ الموافق للثالث والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1965م ورافقه في رحلته أبناؤه (عبدالرحمن وأحمد وعبدالمجيد) بعد أن تزوج من أرقى عائلات المدينة المنورة الذين هاجروا منها خلال فترة الحرب المذكورة، السيدة الزاهدة العابدة حنيفة ابنة الشيخ العلامة محمود عبدالقادر خير الدين باشا المدني، سليلة أعرق الأسر التونسية الأصل التي هاجرت من تونس إلى المدينة المنورة إبان الاحتلال الفرنسي لتونس، وكان والدها يرحمه الله قائم مقام تونس العاصمة، فهاجر إلى المدينة المنورة، وبها ولدت السيدة حنيفة التي عرفت بالعلم والورع، ولا يزال عدد من أفراد هذه الأسرة يسكنون تونس ويطلق على عدد من الشوارع والأحياء أسماء عدد من أفراد هذه الأسرة. وقد ولدت له البنين والبنات. ومن ثم عاد أبناؤه تباعاً فكان أول العائدين الشيخ الشريف محمدعلي الطيار رحمه الله بتاريخ يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1386هـ الموافق للتاسع من شهر أغسطس سنة 1966م، ثم توالى البقية من أخوته (إبراهيم ومحمد وعبدالرزاق وعبدالله) وكان آخر الذين وصلوا هو الابن الأكبر للشيخ عمر، الشيخ الشريف إبراهيم بن عمر الطيار رحمه الله وأخوته رحمة واسعة، وعاد بعائلته يوم الجمعة الخامس عشر من شهر شوال سنة 1391هـ. حيث صدر الأمر الملكي آنذاك بصرف التابعية السعودية (حفيظة النفوس) لجميع أبناء الشيخ الشريف عمر الطيار وزوجاتهم وأولادهم وبناتهم بإعتبارهم سعوديي الأصل وجاء في حيثيات الأمر الكريم: (وحيث أن حصول أبنائه على جنسية أخرى أثناء هجرتهم لا يسقط حقهم من إعادة جنسيتهم الأصلية لهم، فيعتبر أبناء عمر بن إبراهيم الطيار سعودي الأصل وتعاد لهم الجنسية السعودية ...إلى آخر الأمر الكريم).

ويروي الشيخ الشريف المهندس عبدالله الطيار برحمه الله عن ذلك فيقول: "دخل الأديب والمؤرخ السعودي المعروف محمد حسين زيدان ذات يوم إلى مجلس الشيخ عبدالحميد عباس في العباسية بقباء بالمدينة المنورة زائراً، وكان من أصدقائه، وكان في المجلس آنذاك أخي أبو راشد محمد، وخلال الحديث، سأل الشيخ محمد حسين زيدان الشيخ عبد الحميد عباس قائلاً: هل لديكم علم بأمر صرف الأربعين تابعية دفعة واحدة وفي يوم واحد؟ ولمن صرفت؟. فأشار الشيخ عبدالحميد رحمه الله تعالى إلى أخي أبو راشد محمد قائلاً: نعم أعرف ذلك ولمن صرفت. لقد صرفت لخالي عمر الطيار وهذا ابنه محمد الطيار فاسأله)".

وفاته تغمده الله بواسع رحماته.

فلما مضت أربع سنوات وشهرين على عودته إلى مدينته ووطنه، توفى تغمده الله تعالى بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه صائماً بعد أن توضأ لأداء صلاة عصر يوم الأحد الثامن والعشرين شهر رمضان المبارك سنة 1389هـ الموافق للسابع من شهر ديسمبر سنة 1969م. وكان رحمه الله من كبار علماء عصره ومؤرخاً ثقة لا يشق له غبار في مجالات التاريخ عامة والإسلامي خاصة حتى أنه كان مرجعاً هاماً لأهل العلم والمؤرخين وكتاب السير في زمانه، وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده الطاهر في بقيع الغرقد بالمدينة المنورة، في الجهة الغربية من ضريح سيدنا عثمان بن عفان عليه رضوان الله وسلامه، وجنوب (على يمين الزائر القادم من باب البقيع) أضرحة شهداء الحرة عليهم رضوان الله وسلامه أجمعين، على يمين الممر. وقد أعقب من الأبناء ثمان، إبراهيم (توفى رحمه الله)، ومحمد (توفى رحمه الله)، وعبدالرحمن (توفى رحمه الله)، وأحمد (توفى رحمه الله)، وعبدالمجيد، ومحمدعلي (توفى رحمه الله)، وعبدالرزاق (توفى رحمه الله)، وعبدالله، ومن البنات أربع، منهم من رحلت إلى جوار ربها تغمدهم الله بواسع رحمته ومنهم من هي على قيد الحياة أطال الله في أعمارهن. وأما زوجته السيدة حنيفة خير الدين باشا فقد لحقت بزوجها بعد أن توضأت لصلاة فجر يوم الثلاثاء السادس عشر من شهر شوال سنة 1395هـ وصلي عليها في المسجد النبوي الشريف ودفنت ببقيع الغرقد خلف أضرحة سيداتنا أمهات المؤمنين عليهن رضوان الله وسلامه من الجهة الشرقية.

أعقابه تغمده الله بواسع رحماته.

وقد أعقب الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الطيار، تغمده الله بواسع رحماته وأسكنه أعالي جنانه من الأبناء ثمان كما سبق بيانهم، وكلاً أعقب باستثناء أحمد رحمه الله تعالى، ومن البنات أربع، تزوجت الأولى (فاطمة) بالشيخ عبدالغني شيخ رحمه الله تعالى. وتزوجت الثانية (عائشة) بالعميد الركن حمزة عجلان الحازمي تغمده الله بواسع رحمته وأعقبت له ابنان تزوجا بنات خالهم الشيخ الشريف عبدالمجيد عمر الطيار، وتوفيت عائشة بالمدينة المنورة ودفنت في بقيع الغرقد تغمدها الله بواسع رحماته وأسكنها أعالي جنانه. وأما الثالثة (عزيزة) فتزوجت بالشيخ مبارك جوال العنزي رحمه الله تعالى وأعقبت له البنين والبنات، وتوفيت عزيزة في مدينة بريدة في منطقة القصيم السعودية ودفنت هناك تغمدها الله بواسع رحماته وأسكنها أعالي جنانه. وأما الرابعة (آمنة، وتُنادى: أميرة) فتزوجت بالدكتور بكر بن حمزة خشيم وأعقبت له ابناً وخمس بنات.

أعقاب أبنائه تغمده الله بواسع رحماته.

أما الشيخ الشريف إبراهيم بن عمر الطيار، وهو الأكبر بين اخوته، فقد توفى بالمدينة المنورة يوم الأربعاء العشرين من شهر ذي الحجة سنة 1400هـ الموافق للتاسع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1980م، وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه. وأعقب من الأبناء أربعاً، سعد الله وبه كان يكنى وعمر وظافر وصباح، ومن البنات أربعاً (خديجة وزكية (حرم فاروق هاشم نجدي من المدينة المنورة، توفيت بجدة ودفنت فيها رحمها الله) وعفاف (حرم خالد حمزة عفيفي من المدينة المنورة، توفيت في المدينة المنورة ودفنت فيها رحمها الله) ونزهة، كلهن تزوجن وأعقبن باستثناء الابنة الكبرى (خديجة) والتي تزوجت من السيد الشريف نايف ترجمان من المدينة المنورة رحمه الله ولم تعقب منه، وتوفيت خديجة بالمدينة المنورة يوم الاثنين الثالث من شهر ربيع الأول سنة 1429هـ الموافق للعاشر من شهر مارس سنة 2008م، وصلي عليها بالمسجد النبوي الشريف ووري جسدها ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمدها الله بواسع رحمته وأسكنها أعالي جنانه. وأما الشريف سعد الله بن إبراهيم الطيار فتوفي بمدينة الرياض يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 1404هـ الموافق للثامن والعشرين من شهر ديسمبر سنة 1983م، وتم نقل جثمانه إلى المدينة المنورة وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه وأعقب. وأما الشريف ظافر بن إبراهيم الطيار فتوفي بالمدينة المنورة صباح يوم السبت السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1423هـ الموافق للثلاثين من شهر نوفمبر سنة 2002م، وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه وأعقب من الأبناء ثلاثاً، عصام وعماد وعادل. وأما الشريف صباح بن إبراهيم الطيار فلم يتزوج ولم يعقب، وتوفى بمدينة جدة يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1428هـ الموافق للخامس عشر من شهر مايو سنة 2007م، وتم نقل جثمانه إلى المدينة المنورة وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه، وأما الشريف عمر بن إبراهيم الطيار فأعقب إبراهيم وعدداً من البنات، ويقيم حالياً بمدينة الرياض.

وأما الشيخ الشريف محمد بن عمر الطيار، فقد أفردنا له مقالاً تفصيلياً. توفي بالمدينة المنورة وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه.

وأما الشيخ الشريف عبدالرحمن بن عمر الطيار، فقد أوكلت له مؤسسة الدخيل بالمدينة المنورة مسئولية صيانة طريق (المدينة المنورة / تبوك) والبالغ طوله (700 كم) والإشراف عليه لسنوات طوال، فعاش غالب وقته في الصحراء والتي أكسبته قوة التحمل والعزيمة، فكان قوي الشكيمة، قوي العزيمة، قاسياً على الأمراض، يصعب إستسلامه لصغائر الأمور وكبارها. وأكسبته الخلوة في الصحاري التأمل في ملكوت الله تعالى فكان يصوم الإثنين والخميس والأيام البيض الثلاث من كل شهر أياً كان وقتها صيفاً وشتاءً، قائماً بالليل تالياً لكتاب الله في النهار ذاكراً مسبحاً لا ينقطع لسانه على ذكر الله والصلاة على حبيبه الهادي صلى الله عليه وآله وسلم حتى وافاه الأجل المحتوم ولقي الله تعالى بالمدينة المنورة يوم السبت الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1424هـ الموافق للرابع عشر من شهر فبراير سنة 2004م وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه، وقد أعقب من الأبناء أربعاً هم: جعفر وحذيفة وحسن وفيصل وأربع من البنات. فأما الشريف جعفر وبه كان يكنى، فيقيم بالمدينة المنورة. وأما الشريف حذيفة فيقيم بالمدينة المنورة وأعقب من الأبناء عمر وابنة واحدة. وأما الشريف حسن فيقيم بالمدينة المنورة وأعقب من الأبناء ثلاثاً وهم عبدالرحمن وعبدالهادي وعبدالباري. وأما الشريف فيصل فيقيم بالمدينة المنورة وأعقب ابنة واحدة.

وأما الشيخ الشريف أحمد بن عمر الطيار، فكان من مقاولي المدينة المنورة إبان مرحلة الطفرة التي شهدتها السعودية، ثم إنتقل إلى مدينة جدة إلى أن وافاه الأجل المحتوم وتوفي فيها، وتم نقل جثمانه إلى المدينة المنورة وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه، ولم يعقب.

وأما الشيخ الشريف عبدالمجيد بن عمر الطيار، فأقام بالمدينة المنورة وأفردنا له مقالاً حاصة به، ويعد من أبرز أبناء الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم الطيار رحمه الله في مجال تأصيل تاريخ الأسرة. أنعم الله عليه بملكة الحفظ وتحديد الأحداث بالمكان والزمان تفصيلاً. وقد غنم ذلك الكثيرين ممن بحثوا في أمور الأسرة منهم كاتب هذا المقال والذي استفاد منه استفادة عظيمة في كثير من الأحداث وكيف كانت ومتى وأين حدثت. وقد أعقب سبع بنات وياسر ابنه الأوحد والذي أعقب عبدالمجيد وعبدالله وابنة وحدة، وتوفي الشيخ الشريف عبدالمجيد بن عمر الطيار بالمدينة المنورة في التاسع عشر من شعبان من سنة ألف وأربعمائة وتسع وثلاثين للهجرة ودفن ببقيعها

وأما الشيخ الشريف علي (واسمه مركب: محمدعلي) بن عمر الطيار، فقد أفردنا له مقالاً تفصيلياً. توفي بالمدينة المنورة يوم الثلاثاء السابع عشر من ربيع الأنول سنة ألف وأربعمائة وست وعشرين للهجرة وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه.

وأما الشيخ الشريف عبدالرزاق بن عمر الطيار، فتوفى بالمدينة المنورة ولم يكن قد بلغ الخمسين من العمر، بعد معاناة كبيرة مع المرض وذلك في يوم السبت الأول من شهر ذي القعدة سنة 1407هـ الموافق للسابع والعشرين من شهر يونيه سنة 1987م، وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف ووري جسده ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه، وأعقب من الأبناء أربعاً، أسعد ومحمد وصالح وعبدالعزيز، وأربع من البنات. فأما الشريف أسعد، فيقيم بمدينة الخبر وقد أعقب أربع بنات وعبدالرزاق ابنه الأوحد. وأما الشريف محمد، فيقيم بالمدينة المنورة وأعقب عبدالرزاق وحمزة وابنة واحدة، وتوفى محمد أثناء رحلة كانت له في الصين وأعيد جثمانه إلى المدينة المنورة وصلي عليه بعد صلاة عشاء يوم الرابع والعشرين من رمضان سنة ألف وأربعمائة وست وثلاثين ودفن ببقيع الغرقد. وأما الشريف صالح فيقيم بمنطقة القصيم وأعقب مهند وباسل وقصي وابنة واحدة. وأما الشريف عبدالعزيز، فيقيم بالمدينة المنورة وأعقب ابنة واحدة.

وأما الشيخ المهندس الشريف عبدالله بن عمر الطيار، فقد أفردنا له مقالاً تفصيلياً. وقد أقام في المدينة المنورة سنين طويلة ثم انتقل للإقامة بمدينة جدة متنقلاً بينها وبين مدينته المدينة المنورة حتى وافقته المنية بجدة عام ألف وأربعمائة وواحد وأربعين متأثراً بإصابته بوباء كورونا ونقل جثمانه إلى المعلا بمكة المكرمة، ولا يزال أبناؤه وابنته يقيمون في مدينة جدة.

وبهم ينتهي الحديث عن مختصر سيرة الشيخ الأجل، والمؤرخ الأغر، الشيخ الشريف عمر بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الطيار تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه أعالي جنانه.