الشيخ الشريف عبدالرحيم الحنبلي الجعفري الطيار رحمه الله
هو الشريف د.عبد الرحيم الحنبلي بن محمد راضي الجعفري الطيار، يوصف بأبي الفقراء وربّان قافلة الخير في فلسطين، قالوا عنه أنه لا يكل ولا يمل، يصل الليل بالنهار، وعندما تسال عنه تحتار عن مكان تواجده، إما على مكتبه في (مصنع الصفا للألبان) أو في مقر لجنة زكاة نابلس، أو يؤم المصلين في مسجد الحنبلي وسط البلدة القديمة في نابلس، أو في جولاته المعتادة لتفقد العائلات المستورة. هذا في ساعات النهار، أما في المساء تجده يطوف الأحياء، ويشارك الأهالي أفراحهم ويبارك لهم فيها، أو يواسيهم في أتراحهم ويخفف عنهم، أو تجده في (جاهة) عشائرية لإصلاح ذات البين والتقريب بين وجهات النظر. لذلك لا تجد وقتاً مناسباً لتقابله وتتحدث إليه إلا في ساعة متأخرة من الليل قبل أن يخلد إلى سريره استعداداً ليوم جديد حافل بالمهام.
كان مديراً لمصنع الصفا للألبان أحد المشاريع التأهيلية للجنة زكاة نابلس التي يرأسها كذلك، بالإضافة إلى كونه عضواً في لجنة الأوقاف الإسلامية العليا، ونائب رئيس كلية الروضة في نابلس ونقيب الأطباء البيطريين لمدة ثلاث سنوات متتالية وخطيب وإمام مسجد الحنبلي العمري أحد أقدم وأعرق المساجد في فلسطين.
ولد الشريف د. عبد الرحيم الحنبلي عام 1940م في مدينة نابلس التي خرج منها علماء ثقاة أمثال ابن قدامة وابن قيم الجوزية والإمام الحافظ عبد الغني النابلسي الجعفري الطيار، والذي ارتحلت عائلته إلى دمشق وسكنت حي الصالحية، وبقي جزء منهم في نابلس وبعض القرى القريبة منها مثل قرية (جماعيل).
قالوا أن د.عبد الرحيم الحنبلي (نسخة طبق الأصل) عن والده الشيخ محمد راضي الحنبلي الذي عمل أكثر من ستين عاماً في الدعوة إلى الله، وفي بثّ روح الجهاد ومشاريع الخير وإحياء فريضة الزكاة في نفوس الناس وبناء المؤسسات الهادفة لتشغيل الطاقات الفلسطينية.
ويعتز د. عبد الرحيم بمسيرة والده التي بدأت بعد رجوعه من الأزهر الشريف في مصر وحصوله على الشهادة العالمية عام 1932م، كما كانت تربطه علاقة وثيقة مع المجاهد الشهيد عز الدين القسام رحمه الله، والشريف المجاهد الحاج أمين الحسيني، والمجاهد عزة دروزة، والكثير من زعماء فلسطين ذوي الاتجاه الديني والوطني. ويقول د.عبد الرحيم الحنبلي: اعتقل والدي في سجن عكا مع انطلاقة ثورة عام 1936م وقضى مدة ستة أشهر خلف القضبان، وبعد خروجه طاف الأراضي الفلسطينية داعياً الأهالي إلى التمسك بأرضهم وثوابتهم الإسلامية بالحفاظ على الأقصى والمقدسات، وهذا لم يرُقْ للإنجليز الذين حاولوا اغتياله بواسطة عملائهم، ولم يكتفوا بذلك بل طردوه من العمل في دائرة الأوقاف ومنعوه من الخطابة في المسجدين الحنبلي والعمري.
نما د. الحنبلي وترعرع في نابلس ودرس في مدارسها على يد أشهر العلماء والأساتذة، ومن ثم سافر ليكمل تعليمه الجامعي ويحصل على شهادة البكالوريوس في طب الحيوان قسم الدراسات العليا في صناعة الأدوية من جامعة القاهرة. ومن ثم عاد ليعمل في العديد من المواقع، وينخرط بعدها بقوة في العمل الخيري والاجتماعي، فقد تسلم عقب وفاة والده منصب رئيس لجنة زكاة نابلس أحد أقدم لجان الزكاة بفلسطين و(أم اللجان) كما يحب أن يسميها.
أعقب له من الأبناء خمسة ذكور ومثلهن من الإناث. ولم تكن هذه العائلة بعيدة عن ممارسات الاحتلال الصهيوني، فقد تعرض أفرادها للاعتقال والاستجواب، خاصة في الفترة التي كانت قوات الاحتلال تطارد محمد الحنبلي نجل الدكتور عبد الرحيم لقيادته كتائب القسام في الضفة الغربية، قبل أن تصل إليه وتغتاله فجر الجمعة5/9/2003م.
ورغم تعدد مهامه، إلا أن د. الحنبلي يولي لجنة الزكاة ومصنع الصفا للألبان التابع لها الاهتمام الأكبر، يقول عنها (أسس والدي هذه اللجنة عام 1977م مع مجموعة من تجار المدينة وعلمائها، في محاولة منهم لإحياء هذه الفريضة في النفوس، وبفضل الله توسعت أعمالها وازدهرت وانبثقت عنها لجان كثيرة).
ويتابع (نحن في لجنة الزكاة مسئولون عن 3200 أسرة بشكل تام ونوفر لهم احتياجاتهم بصورة دورية وشهرية، كما أننا نكفل ما يزيد عن ألفي يتيم وخمسة آلاف طالب فقير، لكننا نعاني من قلة الموارد). وأضاف: (المشاريع بحاجة إلى إكمال حتى تستطيع أن تقدم خدماتها للمواطنين، ونحن نعتمد في عملية التشطيب على الأموال التي تصلنا من الخارج، لكن الضغوط التي تمارسها جهات معينة كالولايات المتحدة الأمريكية يحول دون وصول تلك الأموال إلينا وبالتالي يقف المشروع عند حد معين ولا نستطيع استكماله).
وذكر الحنبلي أن مشروع أكاديمية القرآن الكريم، بحاجة مثلاً إلى نصف مليون دولار، ومشروع مستشفى المحسنة الكبيرة سلامة بنت بطي الخيري للعيون بحاجة إلى نحو 2 مليون دولار. واستدرك (هذه المشاريع سيستفيد منها كل فلسطيني).
* بقلم: النسابة الجعفري الأردني الشريف محمد نعمان بن نهاد بن عفيف هاشم الزينبي الجعفري الطيار.