انتساب السادة الجعافرة الطيارين بالبرهان من الكتاب والسنة

الكاتب مركز الدراسات والبحوث بتاريخ .

انتساب السادة الجعافرة الطيارين بالبرهان من الكتاب والسنة والرد على الطاعنين.

بقلم: النسابة الجعفري الأردني الشريف محمد نعمان بن نهاد بن عفيف هاشم الزينبي الجعفري الطيار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سادتي الأكارم، لقد طال أمد الطاعنين في الأنساب، والداخلين على الأنساب بغير نسب، وخصوصاً وتحديداً آل البيت الهاشمي، حيث بدأوا يعلنون طعنهم على الملأ دون تحقيق أو توثيق، ولم يكلفوا عناء أنفسهم بقراءة التاريخ والمراجع العلمية المعتبرة أو أحاديث نبينا وحبيبنا وقدوتنا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي تنهى عن الطعن في الأنساب، ولعنة الله ورسوله من داخل في النسب بلا نسب والخارج منه بلا سبب، وبدأوا يتقولون على نسب الجعافرة الطيارين بعدم انتسابهم للسيادة والشرافة وانتمائهم للبيت النبوي الشريف، ويذكرون كما ادعى من قبلهم دولة الفاطميين بأن الحسن والحسين هما فقط من ينتسب للسيادة من آل البيت الهاشمي وليس سواهم من بنو هاشم، لذلك وجب علينا الرد على مثل هؤلاء المنزهين والطاعنين والمزورين لأنساب باطلة، فأقول:

صحيح أن بني علي رضي الله عنه سيدا شباب أهل الجنة وحفيدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا كلام صحيح تماماً، ولكن ليس للطيارين أو العباسيين أو غيرهم أي استحواذ كما ذكر هؤلاء، والدليل كما ذكر التاريخ وأحاديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

فالسيادة لم يوجبها أو يحصرها إلا أناس وأحباب الحسن والحسين رضي الله عنهما، وكان البادئ بذلك هي دولة الفاطميين التي حكمت مصر، فالحسنين هما أهل الكساء ولا شيء في ذلك، ولكن أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حددت من هم أهل بيته وعترته من غير أحفاده المخصوصين في أهل بيته وخاصته أكثر من بنو هاشم الآخرين، وذلك لا ينفي خصوصية بني هاشم من السيادة، لذلك فلنقرأ ما ورد من أحاديث عن حبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم:

فعن يزيد بن حيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أما بعد أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحثَّ على كتاب الله ورغَّب فيه. وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي؛ فقال له حصين بن أرقم: ومن أهل بيته يا زيد؟. أليس نساؤه من أهل بيته؟. قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حُرِمَ الصدقة بعده، قال: ومن هم؟. قال: هم  آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء آل حُرِمَ الصدقة؟. قال: نعم".

والهاشميين نُسِبوا للسيادة منذ الأزل وعصر النبوة وليس من اليوم، حتى أن في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان في قريش من ينتسب للسيادة والشرافة وهو ليس من أهل البيت الهاشمي. فكان الشريف يطلق في الصدر الأول من الإسلام على من كان من أهل البيت سواء كان علوياً أو جعفرياً أو عباسياً، ثم خصه الفاطميون بذرية الحسن والحسين عليهما السلام. وهذا هو الاستحواذ غير الشرعي وليس العكس، وروى أنس بن مالك الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال‏:‏ "نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وجعفر وعلي والحسن والحسين‏".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "نحن ولد عبد المطلب، سادة أهل الجنة، أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي". وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‏:‏ "حُرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عِترتي. ومن اصطنع صنيعة إلى واحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازه غداً إذا لقيني في يوم القيامة".

إن تخصيص بعض أصحاب الأهواء بتخصيص الشرف والسيادة ببني علي وفاطمة رضي الله عنهم وأنهم لوحدهم أصحاب القربى من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو باطل وغير صحيح البتة، والسبب أن الآية الكريمة "..ذِي الْقُرْبَى.." و"..أُوْلُواْ الْقُرْبَى.." وغيرهما في كثير من الآيات كانت مكية قبل زواج علي بفاطمة في المدينة في السنة الثانية من الهجرة، وهذا يثبت أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل خاصته من بناته وأعمامه وأبناء أعمامه حمزة والعباس وجعفر وعلي وعقيل.

أما ما ذكره المؤرخ محمد خليل جمعة في كتابه "نساء أهل البيت" نقلاً عما تؤكده لنا المصادر وأمهات كتب التاريخ وعلم النسب القديم والحديث، في عدم تخصيص ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط، بل شمل أيضاً ذرية جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أخي علي رضي الله عنه حيث قال: "وذرية زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ويعني ذريتها من زوجها عبد الله بن جعفر ومن ولدهما علي الزينبي فقط – مع أن له أخ معقب من ذرية الطيار هو اسحق العريضي وأمه أم حكيم بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وهو ابن خالة الإمام جعفر الصادق – دون سائر أخوته) لها خصائص أهل البيت النبوي، قال: قال العلماء: ويُتكلم على ذرية زينب بنت علي من عشرة وجوه، نورد منها: أنهم من آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته بالإجماع (ويعني بإجماع علماء المسلمين والنسابة المعتبرين) لأن آله (يقصد آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) هم المؤمنون من بني هاشم والمطلب، وعبد الله بن جعفر زوج زينب هاشمي، وأنهم كذلك من ذريته وأولاده بالإجماع، لأن أولاد بنات الإنسان معدودين في ذريته وأولاده، أي أن ذرية زينب من زوجها جعفر معدودين من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم من بني ابنة بنته فاطمة، وأنهم تحرم الصدقة عليهم لأن بني جعفر من الآل قطعاً.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "وأما أنت يا جعفر فأشبهت خَلقي وخُلقي.. وأنت من عترتي (وقيل شجرتي) التي أنا منها". وقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً: على خُلق مَن تُحب أن تكون؟ قال: "على خُلق جعفر"، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4.

وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لم يكن قبلي نبي إلا قد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء، وإني أُعطيت أربعة عشر، حمزة وجعفر وعلي وحسن وحسين وأبو بكر وعمر والمقداد وحذيفة وسلمان وعمار وبلال وعبد الله بن مسعود وأبو ذَر". وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "سادة أهل المحشر سادة أهل الدنيا، أنا وعلي وحسن وحسين وحمزة وجعفر". وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضأ: "خير الناس حمزة وجعفر وعلي".

وعن بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رأيت كأني دخلت الجنة فرأيت لجعفر درجة فوق درجة زيد فقلت: ما كنت أظن أن زيدا يدنو أحداً فقيل لي: يا محمد تدري بما رفعت درجة جعفر؟ قال: قلت لا قيل: لقرابة ما بينك وبينه"، هذا حديث صحيح الإسناد في مستدرك الحاكم في كتاب ذكر مناقب جعفر.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة بنت حمزة قال: "فقال جعفر أنا أحق بها إن خالتها عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي وأنت من شجرتي التي أنا منها، قال علي: قد رضيت يا رسول الله بذلك وأما الجارية فاقضي بها لجعفر فإن خالتها عنده وإنما الخالة أم، فكان أبو هريرة يقول ما أظلت الخضراء على وجه أحب إلي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جعفر بن أبي طالب لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشبهت خلقي وخلقي"، هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

ولما استشهد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في معركة مؤتة أثابه الله بجناحين يطير بهما في الجنة ولم يعطي أحداً من خلقه مثله.

وورد في مسند أحمد في حديث أسامة بن زيد حِب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن أسامة عن أبيه قال: "اجتمع جعفر وعلي وزيد بن حارثة فقال جعفر: أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال علي: أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال زيد: أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نسأله، فقال أسامة بن زيد: فجاؤوا يسأذنونه فقال: اخرج فانظر من هؤلاء فقلت هذا جعفر وعلي وزيد ما أقول أبي قال: ائذن لهم، ودخلوا فقالوا: من أحب إليك، قال: فاطمة قالوا: نسألك عن الرجال، قال: (أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي وأشبه خلقي خلقك وأنت مني وشجرتي، وأما أنت يا علي فخَتَني وأبو ولدي وأنا منك وأنت مني، وأما أنت يا زيد فمولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي).

أما آية الطهارة والتطهير فقد نزلت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب زوج ابنته فاطمة وولديه الحسنين وفاطمة وزينب، ولنسل بني جعفر الطيار نصيب في ذلك لخصوصية انتسابهم لأمهم السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانتسابهم لذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ذكرت سابقاً، والطيارين في شتى البقاع معروفين بالسيادة منذ عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحتى اليوم، فكيف يتقول البعض بان انتسابهم حديث؟ الجاهل هو من لا ينسبهم للسيادة، فهل ينفي ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال‏:‏ "نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وجعفر وعلي والحسن والحسين‏"؟.

إنه من الواجب علينا أن نوسع آفاق أنظارنا بدون انحياز، ولا نطلق للسان العنان بلا دليل أو برهان، ونتمسك فقط بشواهد ظرفية نقول أنها شرعية ونتناسى ونغض النظر عن الأدلة الأخرى التي تناقض بعض الناس المنحازين مثل دولة الفاطميين، مع العلم أن بنو هاشم هم (العباس وجعفر وعلي وحمزة وعلي وعقيل) كما ذكر الحديث الشريف، فقد كان يطلق على سائر بني هاشم السيادة قبل دولة الفاطميين، فهل قول الفاطميين ومن هم على شاكلتهم أصدق من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ ومن هو القول الأولى والأوثق، قبل الفاطميين أم بعدهم؟، وهل الفاطميين هم المنزهين وقولهم الحق وفسروا الآيات والأحاديث أفضل من غيرهم؟.

أرجو التنبه لهذا الموضوع وعدم إثارة الفتنة في ذلك، فليس لأحد كان أن يسلب هؤلاء الجعافرة الطيارين حقهم الذي ولدوا به، ومن يثير هذه النعرات ويتشدق بأقوال المتزمتين فهو الجاهل، ولا أقصد بحديثي هذا أحداً بعينه، بل مني للجميع كل الحب والاحترام والتقدير والاعتبار، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لعن الله الداخل في النسب بلا نسب والخارج منه بلا سبب"، وقال في حديث آخر: "لعن الله الداخل فينا آل محمد وهو ليس منا والخارج منا آل محمد وهو منا". وقد حذر الني صلى الله عليه وآله وسلم بالطعن في الأنساب والنياحة على الميت، ونظراً لما رأيت من تصويب في هذا الموضوع القديم الحديث وما يثار بين الفينة والأخرى فقد حلّ علينا الواجب والأمانة العلمية للحديث في ذلك ووضع الأمور في نصابها ووضع الخطوط الحمراء لمن يتجاوز المحاذير ويتطاول على موثوقي النسب، ففاقد الشيء لا يعطيه. وهذا الموقف كان لزاماً علينا بتوضيحه والرد عليه وهذا حق، والله لا يستحي من الحق، ولكن الحق بين والباطل بين، ويجب على صاحب العلم أن لا يكتم علمه بل ويصدح بالحق لأنها أمانه من الله تعالى علينا أدائها، وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، نرجو الله أن لا يكون ذلك ضعفاً في إيماننا، وأن نكون عند حسن ظنه تعالى بنا، والله تعالى على ما أقول شهيد.