فتوى الدكتور العلامة علي جمعة الخاصة بالأشراف آل الطيار

الكاتب مركز الدراسات والبحوث.

رداً على الخطاب الذي رفعة سيادة نقيب عام السادة الأشراف إلى صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور العلامة علي جمعة مفتي عام جمهورية مصر العربية والخاص بتسجيل وتوثيق أنساب أسرة الأشراف آل الطيار الهاشمية.

فقد وددنا أن ننقل لكم النص الكامل للخطاب الجوابي (الفتوى) التي قدمها صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور العلامة علي جمعة حول ذلك، سائلين الله تعالى لفضيلته، ولسيادة نقيب عام السادة الأشراف، السيد الشريف السيد محمود الشريف أن يديم عليهم الصحة والعافية، وأن يعينهم بعونه، وأن يسدد خطاهم بالحق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

النص الكامل للفتوى

بسم الله الرحمن الرحيم

جمهورية مصر العربية

وزارة العدل

دار الإفتاء المصرية

مكتب المفتي

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

سعادة السيد الشريف/ السيد محمود الشريف نقيب السادة الأشراف.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فقد اطلعنا على خطاب سيادتكم الوارد إلينا بتاريخ 18/1/2010م المقيد برقم 32 لسنة 2010م المتضمن ما يلي:

منذ العصر الطولوني وما قبله تقوم نقابة السادة الأشراف بتسجيل ذرية وأبناء سيدنا الحسن والحسين منذ زمن بعيد، وعلى ما جرى عليه التسجيل السابق.

إلا أن السيدة زينب رضي الله عنها بنت السيدة فاطمة الزهراء وابنة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وشقيقة سيدنا الحسن والحسين.

فهل يجوز للنقابة أن تقوم بتسجيل أبناء السيدة زينب رضي الله عنها، حيث إن زوجها عبد الله بن جعفر الطيار ابن عمها؟

الجواب:

من المعلوم تاريخياً أن أولاد السيدة فاطمة الزهراء من سيدنا علي عليهما السلام ستة: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم، وزينب، ورقية، على جدهم المصطفى وعليهم الصلاة والسلام، فمات محسن صغيراً، وماتت رقية قبل البلوغ (قاله الليث بن سعد فيما رواه عنه الدولابي في الذرية الطاهرة)، وأما الحسن والحسين فأكثر النسل النبوي الشريف عن طريقهما، وأما أم كلثوم فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وولدت له زيداً ورقية، وتزوجها بعده ابن عمها عون بن جعفر بن أبي طالب، فلمات مات

(نهاية الصفحة الأولى مختومة بختم دار الإفتاء وبداية الصفحة الثانية)

تزوجها بعده أخوه محمد، فلمات مات تزوجها بعده أخوه عبد الله فماتت عنده، ولم تلد لأحد من الثلاثة نسلاً، وأما زينب فتزوجها ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فولدت له: علياً، وعوناً الأكبر، وعباساً، ومحمداً، وأم كلثوم.

فأما أولاد الحسن والحسين عليهما السلام الذين يتصلون بهما بمحض الذكور من غير أنثى فالنسب النبوي الشريف ثابت لهم بالإجماع، مع أن الحسن والحسين عليهما السلام إنما يتصلان بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة أمهما السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.

وأما أولاد السيدة زينب بنت فاطمة عليهما السلام (ويسمون أيضاً بـ"الجعفريين" نسبة إلى أبيهم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب) فلا شك أنهم من آل بيت النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم من ذريته وأولاده، وذلك ثابت لهم بالكتاب، والسنة، والإجماع.

فدليل الكتاب قوله تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) الأنعام: 84-86.

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (7/31-32، ط. دار عالم الكتاب): (وعد عيسى من ذرية إبراهيم وإنما هو ابن البنت، فأولاد فاطمة رضي الله عنها ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبهذا تمسك من رأى أن ولد البنات يدخلون في اسم الولد. قال ابن القصار: وحجة من أدخل البنات في الأقارب قوله عليه الصلاة والسلام للحسن بن علي: "إن ابني هذا سيد" ولا نعلم أحداً يمتنع أن يقول في ولد البنات إنهم ولد لأبي أمهم، والمعنى يقتضي ذلك، لأن الولد من التولد وهم متولدون عن أبي أمهم لا محالة، والتولد من جهة الأم كالتولد من جهة الأب، وقد دل القرآن على ذلك. قال الله تعالى: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ) إلى قوله: (مِنَ الصَّالِحِينَ) فجعل عيسى من ذريته وهو ابن ابنته) أ.هـ.

وقال الإمام البيضاوي في تفسيره (ص: 427): (وفي ذكره (يعني سيدنا عيسى عليه السلام) دليل على أن الذرية تتناول أولاد البنت) أ.هـ.

(نهاية الصفحة الثانية مختومة بختم دار الإفتاء وبداية الصفحة الثالثة)

وقال الشيخ القونوي في حاشيته على البيضاوي (8/178، ط. دار الكتب العلمية): (والصحيح ما ذكره المصنف، لأن انتساب عيسى عليه السلام من جهة أمه، إذ ليس له أب، فلو لم تكن الذرية تتناول أولاد البنت لم يذكر في حيز الذرية، فلا إشكال بأن له ليس له أب ينصرف إضافته إلى أمه إلى نفسه، ويؤيده آية المباهلة، حيث دعا عليه السلام الحسن والحسين يومئذ بعدما قال: (نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ) آل عمران:61. وثمرة الخلاف تظهر في إعطاء الزكاة لرجل أمه هاشمية وأبوه ليس كذلك، والفتوى على جواز إعطائها، وأما وضع العمامة الخضراء برأسه فلا مانع منه اتفاقاً، لأن له نسباً شريفاً بالنسبة إلى غيره ولو كان أبوه هاشمياً، كذا نقل عن الكرخي، نقله ابن ملك في "مجمع البحرين". فهذا الاختلاف ليس له ثمرة ولا طائل تحته) أ.هـ.

وقال الإمام الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/298، ط. دار طيبة): (وفي ذكر عيسى عليه السلام في ذرية إبراهيم أو نوح - على القول الآخر - دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجال، لأن عيسى عليه السلام إنما ينسب إلى إبراهيم عليه السلام بأمه مريم عليها السلام، فإنه لا أب له. ثم ذكر ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده؟ قال: "أليس تقرأ سورة الأنعام: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ) حتى بلغ (وَيَحْيَى وَعِيسَى)! قال: بلى، قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت) أ.هـ.

وقال الإمام أبو السعود في تفسيره (3/158، ط. دار إحياء التراث العربي): (وفيه دليل بين على أن الذرية تتناول أولاد البنات) أ.هـ.

وقاله العلامة الألوسي في "روح المعاني" (7/213-214، ط. دار إحياء التراث العربي): (وفي ذكره (يعني سيدنا عيسى) عليه السلام دليل على أن الذرية يتناول أولاد البنات، لأن انتسابه ليس إلا من جهة أمه. والمسألة خلافية، والذاهبون إلى دخول ابن البنت في الذرية يستدلون بهذه الآية. وبها احتج موسى الكاظم رضي الله تعالى عنه على ما رواه البعض عند الرشيد، وفي التفسير أن أبا جعفر رضي الله تعالى عنه استدل بها عند الحجاج بن يوسف وبآية المباهلة حيث دعا صلى الله عليه وآله وسلم الحسن

(نهاية الصفحة الثالثة مختومة بختم دار الإفتاء وبداية الصفحة الرابعة)

والحسين رضي الله عنهما بعدما نزل (تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ)، وادعى بعضهم أن هذا من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم، وقد اختلف إفتاء أصحابنا في هذه المسألة، وأميل إليه القول بالدخول) أ.هـ.

وكذلك قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ) آل عمران: 61، فلما نزلت الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً وفاطمة والحسن والحسين، فقال: "اللهم هؤلاء أهلي" أخرجه مسلم والترمذي.

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب، و(أَبْنَاءَنَا) الحسن والحسين، (وَنِسَاءَنَا) فاطمة. أخرجه ابن مردويه في تفسيره، كما في "الدر المنثور" للحافظ السيوطي.

وقد رد الإمام القرطبي على من نفى الولدية عن ولد البنت بقوله في "الجامع لأحكام القرآن" (16/78-79):

(بل هو ولد على الحقيقة في اللغة، لوجود معنى الولادة فيه، ولأن أهل العلم قد اجمعوا على تحريم بنت البنت من قوله الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ) النساء: 23، وقال تعالى: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ) إلى قوله (مِنَ الصَّالِحِينَ) الأنعام: 84-85، فجعل عيسى من ذريته وهو ابن بنته على ما تقدم بيانه هناك).

فإن قيل، فقد قال الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا، وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد

قيل لهم: هذا لا دليل فيه، لأن معنى قوله إنما هو ولد بنيه الذكران هم الذين لهكم حكم بنيه في المواريث والنسب، وأن ولد بناته لهم حكم بناته في ذلك، إذ ينسبون إلى غيره، فأخبر بافتراقهم بالحكم مع اجتماعهم في التسمية ولم ينف عن ولد البنات اسم الولد لأنه ابن، وقد يقول الرجل في ولده: ليس هو بابني، إذ لا يطيعني ولا يرى لي حقاً، ولا يريد بذلك نفي اسم الولد عنه، وإنما يريد أن ينفي عنه حكمه. ومن استدل بهذا البيت على أن ولد البنت لا يسمى ولداً فقد أفسد وأبطل فائدته، وتأول على قائله ما لا يصح، إذ لا يمكن أن يُسمى ولد الابن في اللسان ابناً ولا يُسمى ولد الابنة ابناً، من أجل أن معنى الولادة التي اشتق منها اسم الولد فيه أبين وأقوى، لأن ولد الابنة

(نهاية الصفحة الرابعة مختومة بختم دار الإفتاء وبداية الصفحة الخامسة)

هو ولدها بحقيقة الولادة، وولد الابن إنما هو ولده بمال مما كان سبباً للولادة. ولم يخرج مالك رحمه الله أولاد البنات من حبس على ولده من أجل أن اسم الولد غير واقع عليه عنده في اللسان، وإنما أخرجهم منه قياساً على الموارثة) أ.هـ.

ودليل السنة: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر في الحسن بن علي عليه السلام: (إن ابني هذا سيد) متفق عليه.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحسن والحسين عليهما السلام: (دعوا ابني لا تفزعوه حتى يقضي بوله) رواه الإمام أحمد في مسنده والدارمي فس سننه.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل بني أنثى ولد آدم فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عبتهم وأنا أبوهم) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم في معرفة الصحابة.


وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ابن أخت القوم منهم) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

وأما الإجماع: فالعلماء مجمعون على أن أولاد السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هم من آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته، ومن ذريته وأولاده، وأنهم تحرم عليهم الصدقة بالإجماع، ويستحقون سهم ذوي القربى بالإجماع، كما نقله الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في "العجاجة الزرنبية في السلالة الزينبية" المطبوعة ضمن "الحاوي للفتاوي" (2/30-32، ط. دار الكتب العلمية).

وهذا كله يقتضي ثبوت الشرف لهم بلا خلاف، وأنه لا نزاع في صحة تلقيبهم بالأشراف، أما قصر الشرف على ذرية السبطين الحسن والحسين عليهما السلام، فهو اصطلاح عرفي حادث بعد القرون الثلاثة المفضلة أحدثه الفاطميون، وليس حكماً شرعياً ملزماً، ولا شك أن الأخذ والعمل بما كانت عليه القرون الثلاثة المفضلة أولى وأحرى.

قال الإمام المقري في تخصيص الشرف بذرية السبطين رضي الله عنهما: (هو حادث بعد مضي ثلاثة قرون المُثنى عليها)، قال المحقق ابن الحاج في "حواشيه": (وتخصيص الشرف بذرية السبطين ليس بشرعي وإنما هو عرفي). قال العلامة الأمير في "حواشيه": (والعرف إنما يحكَّم في المعاملات فلا ينسخ سنة) أ.هـ. بتصرف نقلاً عن "رفع اللبس والشبهات عن ثبوت الشرف من قبل الأمهات" (ص: 3، ط. سنة 1321هـ).

(نهاية الصفحة الخامسة مختومة بختم دار الإفتاء وبداية الصفحة السادسة)

وقال الإمام السيوطي في "العجاجة الزرنبية" (2/32): (إن اسم الشريف كان يطلق في الصدر الأول على كل من كان من أهل البيت سواءً كان حسنياً أم حسينياً أم علوياً من ذرية محمد بن الحنفية وغيرهم من أولاد علي بن أبي طالب أم جعفرياً أم عقيلياً أم عباسياً، ولهذا تجد تاريخ الحافظ الذهبي مشحوناً في التراجم بذلك يقول: الشريف العباسي، الشريف العقيلي، الشريف الجعفري، الشريف الزينبي، فلما ولي الخلفاء الفاطميون بمصر قصروا اسم الشريف على ذرية الحسن والحسين فقط فاستمر ذلك بمصر إلى الآن. وقال الحافظ ابن حجر في كتابه "الألقاب":الشريف ببغداد لقب لكل عباسي وبمصر لقب لكل علوي انتهى. ولا شك أن المصطلح القديم أولى وهو إطلاقه على كل علوي وجعفري وعقيلي وعباسي كما صنعه الذهبي وكما أشار إليه الماوردي من أصحابنا والقاضي أبو يعلى بن الفراء من الحنابلة كلاهما في "الأحكام السلطانية" ونحوه قول ابن مالك في "الألفية": وآله المستكملين الشرف"، فلا ريب في أنه يطلق على ذرية زينب المذكورين أشراف، وكم أطلق الذهبي في تاريخه في كثير من التراجم قوله: "الشريف الزينبي") أ,هـ.

وعلى ذلك فلا إشكال في تدوين أولاد السيدة زينب عليها السلام في نقابة الأشراف، لأنهم من آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن ذريته وأولاده عليه الصلاة والسلام بالإجماع، فلا خوف في اتصافهم بالشرف، بل الشرف ثابت لهم من جهتين: الشرف الخاص الثابت لهم من جهة أمهم السيدة زينب رضي الله عنه، والشرف العام الثابت لهم من جهة أبيهم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.

وهذا الذي جرى عليه العمل والفتوى في هذه العصور، وبذلك أجاب العلامة شيخ الأزهر وشيخ المالكية في زمانه الشيخ محمد الخرشي رحمه الله (ت1101هـ)، ونص جوابه كما نقله العلامة ابن سودة المالكي في كتابه "رفع اللبس والشبهات عن ثبوت الشرف من قبل الأمهات" (ص: 59): (ما عليه المحققون من علماء المسلمين هو أن الشرف الملتقى من قبل الذكر سواءً في الحرمة وتعليق العلامة من غير نقص، واستدلوا على ذلك بما يطول ذكره كما هو مبسوط في الكتب المطولة، وخالف في ذلك ابن عرفة وقال: إن الشريف من جهة الأم له شرف ما، وردُّوه بما يُعلم بالوقوف على الأصول المعتمدة، والله الهادي إلى الصواب) أ.هـ.

(نهاية الصفحة السادسة مختومة بختم دار الإفتاء وبداية الصفحة السابعة الأخيرة)

هذا من جهة ثبوت الشرف، أما من حيث صحة انتسابهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالصحيح الذي عليه الفتوى والعمل أنهم ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً، وأنهم منتظمون في سلك هذا النسب الشريف المستوجب لهم ذلك الشرف المنيف، وذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "كل بني أنثى ولد آدم فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم" أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"، وهذا صريح في صحة انتساب أولاد السيدة فاطمة الزهراء وأولاد أولادها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وإن نازع في ذلك بعض العلماء كالإمام السيوطي وغيره، مع إقرارهم بثبوت الشرف وأنهم من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأولاده، غير أن المعتمد هو القول بإثبات شرف النسبة لهم أيضاً كما أفتى بذلك كثير من المحققين.

وقد أفرد كثير من العلماء هذه المسألة بالتصنيف في إثبات صحة الشرف من قبل الأم وفي صحة ثبوت شرف النسبة النبوية لأولاد السيدة زينب رضي الله عنها، ومنها:

  • "إسماع الصم في إثبات الشرف من قبل الأم" لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن القسنطيني المغربي المالكي المعروف بابن أبي زيد المراكشي (ت 807هـ).
  • "جزء في إثبات الشرف من قبل الأم" لحفيد ابن مرزوق (ت 842هـ).
  • "تبيان الحكم بالنصوص الدالة على الشرف من الأم" للشيخ عبد القادر بن أبي بكر الصديقي الهندي المفتي بمكة المعظمة (ت 1138هـ).
  • "الفوز والغنم في مسألة الشرف من الأم" لخير الدين الرملي الحنفي (ت 1081هـ).
  • "شرف الأسباط" للعلامة جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ).
  • "إزالة اللبس والشبهات عن ثبوت النسب من قبل الأمهات" لمحمد بن أحمد بن الطالب ابن سودة المري (ت 1359هـ).

والله سبحانه وتعالى أعلم.

أ.د/ علي جمعة

التوقيع

مفتي جمهورية مصر العربية وعلى يمينه مختومة بختم دار الإفتاء

3/2/2010م

..انتهى نص الفتوى..

صورة ضوئية للفتوى

 

الصفحة الأولى من الفتوى

الصفحة الثانية من الفتوى

الصفحة الثالثة من الفتوى

الصفحة الرابعة من الفتوى

الصفحة الخامسة من الفتوى

الصفحة السادسة من الفتوى

الصفحة السابعة - الأخيرة - من الفتوى